احتاج إلى كاتب، فأحضره، فأعجبه نفاذه وسمته ونصحه، فلما ملك صلاح الدين استخلصه لنفسه، وحسن اعتقاده فيه.
وكان قليل اللذات، كثير الحسنات، دائم التهجد، يشتغل بالأدب والتفسير.
وكان قليل النحو، لكن له دربة قوية توجب له قلة اللحن، وكتب من الإنشاء ما لم يكتبه أحد. أعرفُ عند ابن سناء الملك من إنشائه اثنين وعشرين مجلدًا. وعند ابن القطان - أحد كتابه - عشرين مجلدًا. وكان متقللًا في مطعمه ومنكحه، وملبسه. لباسه البياض، لا يبلغ جميع ما عليه دينارين.
ويركب معه غلام وركابي. ولا يمكن أحدًا أن يصحبه. ويكثر تشييع الجنائز، وعيادة المرضى، وزيارة القبور. وله معروف معروف في السر والعلانية.
وكان ضعيف البنية، رقيق الصورة، له حدبة يغطيها الطيلسان.
وكان فيه سوء خلق يكمد به في نفسه، ولا يضر أحدًا به.
ولأصحاب الفضائل عنده نَفاق، يحسن إليهم ولا يمن عليهم. ولم يكن له انتقام من أعدائه إلا بالإحسان إليهم، وبالإعراض عنهم.
وكان دخله ومعلومه في السنة نحو خمسين ألف دينار، سوى متاجر الهند والمغرب، وغيرهما.
مات مسكوتًا، أحوج ما كان إلى الموت عند تولي الإقبال، وإقبال الإدبار، وهذا يدل على أن لله به عناية.
٣١٠ - عبد السلام بن محمود بن أحمد.
ظهير الدين أبو المعالي الفارسي، الفقيه، الأصولي، المتكلم.
سمع من أبي الوقت السجزي.
وبالثغر من أبي طاهر السلفي.
وروى بدمشق.
وتوفي بحلب في سابع عشر شعبان.
وكان من كبار المتكلمين والخلافيين. درس واشتغل، وصنف التصانيف. ولم يشتهر من تصانيفه إلا القليل.
وقد أجاز الحافظ المنذري، وهو ترجمه.
٣١١ - عبد العزيز بن عيسى بن عبد الواحد بن سليمان. الوجيه أبو محمد اللخمي، الأندلسي، الشريشي الأصل، الإسكندراني المولد والدار، العدل المحدث، أحد طلبة السلفي.