حدثني أبي قال: ما زال أصحابنا بحلب لا يعرفون الفرق بين ابن بطة – بالضم - الشيعي من ابن بطة الحنبلي، حتى قدم الرشيد فقال: ابن بطة الحنبلي بالفتح، والشيعي بضمها. وكان رحمه الله عند أصحابنا بمنزلة الخطيب للعامة، وكيحيى بن معين في معرفة الرجال. وقد عارض كل علم من علوم العامة بمثله، وبرز عليهم بأشياء حسنة لم يصلوا إليها. وكان بهي المنظر، حسن الوجه والشيبة، صدوق اللهجة، مليح المحاورة، واسع العلم، كثير الفنون، كثير الخشوع والعبادة والتهجد، لا يجلس إلا على وضوء.
توفي ليلة سادس عشر شعبان سنة ثمانٍ وثمانين، ودفن بجبل جوشن عند مشهد الحسين.
٣٢٠ - محمود بن محمد بن كرم، أبو المجد البغدادي، الضرير، المقرئ.
روى عن أبي غالب ابن البناء. روى عنه عبد الله بن أحمد الخباز.
توفي في شهر رجب.
٣٢١ - نصر بن منصور بن الحسن بن جوشن بن منصور بن حميد، الأمير أبو المرهف النميري الشاعر المشهور.
من أولاد أمراء العرب، وأمه بنة بنت سالم بن مالك بن بدران بن مقلد بن مسيب العقيلي.
ولد بالرافقة سنة إحدى وخمسمائة، ونشأ بالشام، وخالط أهل الأدب، وقال الشعر الفائق وهو مراهق. وأصابه جدري وله أربع عشرة سنة، فضعف بصره، فكان لا يبصر إلا شيئًا قريبًا منه. ثم وقع الاختلاف بين عشيرته بعد موت والده، واختل أمرهم. فسار إلى بغداد طامعًا في مداواة عينيه، فآيسه الأطباء من ذلك، فاشتغل بالقرآن فحفظه، وتفقه على مذهب أحمد، وقرأ العربية على أبي منصور ابن الجواليقي.
وسمع من أبي القاسم بن الحصين، وأبي بكر الأنصاري، ويحيى بن عبد الرحمن الفارقي، وعبد الوهاب الأنماطي.
وقوض ما تبقى من بصره من ألمٍ أصابه، وصحب الصالحين والأخيار،