عيسى، فلمّا رآني دقّ بإصبعه على أنفي، وكان إذا مزح مع أحدٍ دقّ بإصبعه على أنفه، أو ما هذا معناه.
وأخبرني محمد ابن الشّيخ عثمان بدَيْر ناعس، قال: خرجت صُحبةَ والدي إلى زيارة الفقيه إلى بَعْلَبَكّ، وكان يومئذٍ بيُونين، فأتيناها وسلّمنا عليه، وجلس والدي، فقال له الشّيخ الفقيه: ما تزور الشّيخ عيسى وعليَّ الضّمان. فقام والدي وأنا معه. فلمّا رآه الشّيخ عيسى وقف ووقف والدي من بعد الظُّهر إلى قريب العصر، ثمّ خطا الشّيخ عيسى وجاء إلى والدي فتعانقا وجلساً. قال: فلمّا رجع والدي إلى عند الشّيخ الفقيه قال له: ما أوفيتَ بالضَّمان، قال: فسأل الفقراء والدي عن هذا فقال: كان لي ثلاثةٌ وعشرون سنة حَرْدانٌ على الشّيخ عيسى لكوْنه إذا جاء إليه صاحب حالٍ يسلبه حالَه، فلمّا رأيته وقف طويلاً ورجع عمّا كان عليه.
قال: وأخبرني الفقيه عبد الوليّ بن عبد الرحمن الخطيب قال: لمّا دخل الخُوارزميّة جاء والٍ لهم إلى يونين، وطلب من الفلاحين شيئاً ما لهم به قوّة، فشكا الفلاّحون إلى الشّيخ عيسى. فاتّفق أنّ الوالي طلع إلى عند الشّيخ فقال له: ارفِقْ فهؤلاء فقُراء. فقال: ما إلى هذا سبيل، قال: وبقي الشّيخ يردّد عليه ويقول: ما إلى هذا سبيل، فنظر إليه وأطال النّظر، وإذا به قد خبط الأرض وأزْبَدَ، فلمّا أفاق انكبّ على رجلي الشّيخ واعتذر ونزل، فقال للخُوارزميّة: من أراد أن يموت يطلع إلى القرية. أو ما هذا معناه.
قال: وأخبرني الشّيخ إسرائيل بن إبراهيم، قال: حدثنا الشّيخ عيسى اليُونينيّ، قال: طلعتُ صُحْبة عمّي الشّيخ عبد الخالق اليُونينيّ- قلت: وقد توفّي عبد الخالق سنة سبْع عشرة وستمائة- إلى جبل لُبنان، وكان ثمَّ بِرْكة كبيرة، فجلسنا عندها وبقربها حَشيش له قرميّة حُلْوة، فقال لي عمّي: اجلس ههنا، وإذا جُعْت كلْ من هذه الحشيش. قال: فإذا بأسد كبير قد استقبله، فخفتُ عليه وبقيتُ أقول: يا عمّي يا عمّي، وكان هناك قرميّة شجرة فصعد عليها عمّي وركب الأسد ثمّ سار به حتّى غاب عنّي، فبقيتُ هناك يومين، فلمّا