في أنّ ما أنفق على الفداء نحو ثلاثمائة ألف دينار، فكّ الله بها ثلاثة آلاف وخمسمائة إنسان.
وفيها جرت بالرّيّ فتنة هائلة بين ركن الدولة وبين الخراسانية الغزاة، فقتل من الفريقين نحو ثلاثة آلاف، وانتهب أهل الرّيّ من الغزاة ألفي جمل محمّلة أمتعة، ثم ظفرت الغزاة ودخلوا الرّيّ وضربوا جوانبها بالنّار، ثم طلب خلق منهم الموصل، وذهب خلق منهم فوق العشرين ألفاً إلى خويّ وسلماس.
وفيها سار طاغية الروم بجيوشه إلى بلد الشام فعاث وأفسد، وأقام به نحو خمسين يوماً، فبعث سيف الدولة يستنجد أخاه ناصر الدولة يقول: إن تقفور قد عسكر بالدرب ومنع رسولنا ابن المغربيّ أن يكتب بشيء، وقال: لا أجيب سيف الدولة إلاّ من أنطاكية، ليذهب من الشام فإنّه لنا ويمضي إلى بلده ويهادن عنه، وأنّ أهل أنطاكية راسلوا تقفور وبذلوا له الطاعة وأن يحملوا إليه مالاً، وأنّه التمس منهم يد يحيى بن زكريا عليهما السلام والكرسيّ، وأن يدخل بيعة أنطاكية ليصلّي فيها ويسير إلى بيت المقدس. وكان الذي جرّ خروجه وأحنقه إحراق بيعة القدس في هذا العام.
وكان البترك كتب إلى كافور صاحب مصر يشكو قصور يده عن استيفاء حقوق البيعة، فكاتب متولّي القدس بالشدّ على يده، فجاءه من الناس ما لم يطق دفعه، فقتلوا البترك وحرّقوا البيعة وأخذوا زينتها، فراسل كافور طاغية الروم بأن يردّ البيعة إلى أفضل ما كانت، فقال: بل أنا أبنيها بالسيف.
وأما ناصر الدولة فكتب إلى أخيه إن أحبّ مسيره إليه سار، وإن أحبّ حفظه ديار بكر سار إليها، وبثّ سراياه، وأصعد سيف الدولة الناس إلى قلعة حلب وشحنها، وانجفل الناس وعظم الخطب، وأخليت نصيبّين.
ثم نزل عظيم الروم بجيوشه على منبج وأحرق الربض، وخرج إليه أهلها فأقرّهم ولم يؤذهم، ثم سار إلى وادي بطنان.
وسار سيف الدولة متأخراً إلى قنسرين، ورجاله والأعراب قد ضيّقوا الخناق على الروم، فلا يتركون لهم علوفة تخرج إلاّ أوقعوا بها، وأخذت الروم أربعة ضياع بما حوت، فراسل سيف الدولة ملك الروم وبذل له مالاً يعطيه إيّاه في ثلاثة أقساط، فقال: لا أجيبه إلاّ أن يعطيني نصف الشام، فإنّ طريقي إلى