للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: كان مع دينه صاحب قلبة وبدعة .

قال أبو الوليد سليمان الباجي: لما طالب ابن فورك الكرامية أرسلوا إلى محمود بن سبكتكين صاحب خراسان يقولون له: إن هذا الذي يؤلب علينا أعظم بدعة وكفرا عندك منا، فسله عن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، هل هو رسول الله اليوم أم لا؟ فعظم على محمود الأمر، وقال: إن صح هذا عنه لأقتلنه. ثم طلبه وسأله فقال: كان رسول الله وأما اليوم فلا، فأمر بقتله، فشفع إليه وقيل: هو رجل له سن. فأمر بقتله بالسم، فسقي السم (١).

وقد دعا ابن حزم للسلطان محمود إذ وفق لقتل ابن فورك، لكونه قال: إن رسول الله كان رسولا في حياته فقط، وأن روحه قد بطل وتلاشى، وليس هو في الجنة عند الله تعالى يعني روحه. وفي الجملة ابن فورك خير من ابن حزم وأجل وأحسن نحلة (٢).

قال الحاكم أبو عبد الله: أخبرنا ابن فورك، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، فذكر حديثا.

٢٠٩ - محمد ابن الطاهر ذي المناقب الحسين بن موسى. بن محمد أبو الحسن العلوي الموسوي المعروف بالشريف الرضي، نقيب الطالبيين، من ولد موسى بن جعفر بن محمد.


(١) تعقب التاج السبكي هذه الحكاية فقال: "قلت: أما أن السلطان أمر بقتله، فشُفِعَ إليه، إلى آخر الحكاية فأكذوبة سمجة، ظاهرة الكذب من جهات متعددة: منها، أن ابن فورك لا يعتقد ما نُقِلَ عنه، بل يُكفر قائله، فكيف يعترف على نفسه بما هو كفر؟ وإذا لم يعترف فكيف يأمر السلطان بقتله؟ وهذا أبو القاسم القشيري أخصُّ الناس بابن فورك، فهل نقل هذه الواقعة، بل ذكر أن من عَزَى إلى الأشعرية هذه المسألة فقد افترى عليهم، وأنه لا يقول بها أحد منهم. ومنها، أنه بتقدير اعتارفه، وأمره بقتله، كيف ترك ذلك لسنه، وهل قال مسلم: إنَّ السن مانع من القتل بالكفر، على وجه الشهرة، أو مطلقًا، ثم ليت الحاكي ضمَّ إلى السن العلم، وإن كان أيضًا لا يمنع القتل، ولكنه لبغضه فيه لم يجعل له خصلة يَمُت بها غير أنه شيخ مسن … فهذا من ابن حَزْم مجرد تحامل، وحكاية لأكذوبة سمجة، كان مقداره أجلَّ من أن يحكيها" (طبقاته ٤/ ١٣٢ - ١٣٣).
(٢) هذا دليل يشهد أن الذهبي لا يعتقد صحة الحكاية التي ساقها ابن حزم، إذ لو صحت فلا خير في ابن فورك البتة.