للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له ديوان شِعر مشهور (١)، وشعره في غاية الحُسن. وصنف كتابا في معاني القرآن يتعذر وجود مثله. وكان غير واحد من الأدباء يقولون: الشريف الرضي أشعر قُريش.

وكان مولده سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.

وذكر الثعالبي (٢) أنه ابتدأ بنظم الشعر وهو ابن عشر سِنين. قال، وهو أشعر الطالبيين ممن مضى منهم ومن غبر على كثرة شُعرائهم المُفلقين، ولو قلت إنه أشعر قريش لم أبعُد عن الصدق.

وكان هو وأبوه نقيب الطالبيين، ولي النقابة في أيام أبيه. وديوانه في أربع مجلدات.

وقيل: إن الشريف الرضي أحضر درس أبي سعيد السيرافي النحوي ليعلمه ولم يبلغ عشر سنين، فامتحنه يوما فقال: ما علامة النصب في عمر؟ فقال: بُغض علي. فعجب السيرافي والجماعة من حدة خاطره (٣).

وللرضي كتاب مجاز القرآن أيضا.


(١) طبع ديوانه عدة مرات، وهو متداول بأيدي الناس.
(٢) يتيمة الدهر ٣/ ١٣٦.
(٣) علق أحدهم على هامش نسخة المؤلف بقوله: "هذه الحكاية مُحرَّفة وإنما هي: فقال له: إذا قلتُ: ضرب زيد عَمْرًا، ما علامة النَّصْب في عمرو؟ فقال: بغض عليّ: يشير إلى عَمْرو بن العاص ". والحكاية التي ساقها الذهبي في الأصل ذكرها ابن خلكان في وفياته ٤/ ٤١٦. قلت: قد يكون هذا أولى، فإذا صح هذا الأخير عن الشريف الرضي أو لم يصح، فإن أصحاب رسول الله لم يعرفوا هذه البغضاء إنما تأولوا، فأصابوا أو أخطؤوا. أما العلاقة بين الفاروق عمر وبين علي ، فكانت على أحسن ما تكون العلاقة من المحبة والتآزر والتناصح، وأن سيرة سيدنا عليّ وخطبه وأقواله الثابتة المدونة تؤكد من غير شك أنه بايعه بيعة صحيحة ورأى فيه أصل العرب، وزوجه بابنته أم كلثوم بنت فاطمة الزهراء على الرغم من كبر سنه وصغر سنها، وأنه ناصحه وأعانه وشاوره بأحسن ما رآه. وأن الفاروق أنابه على أمور المسلمين فقبل نيابته وسمى أحد أولاده باسمه، وهو عمر بن علي بن أبي طالب المعروف بالأشرف، وسار أولاد علي وأحفاده وأهل بيته على سيرته في محبتهم وتقديرهم واحترامهم للفاروق فسمى الحسن والحسين ، وعلي بن الحسين أولادًا لهم باسمه. وكذلك كان الفاروق يحترم سيدنا عليًّا ويجله ويعرف له منزلته في الإسلام وقرابته من رسول الله ، وقضاءه واجتهاده، فكان يقول: عليٌّ أقضانا.