للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحنة؟ فقلت: الله أكبر إن في هذا لفرجا للمسلمين. ثم قال لهم: ناظروه، كلموه، يا عبد الرحمن كلمه. فقال لي عبد الرحمن: ما تقول في القرآن؟ قلت له: ما تقول في علم الله؟ فسكت. فقال لي بعضهم: أليس قال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد ١٦] والقرآن أليس هو شيء؟ فقلت: قال الله: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف ٢٥] فدمرت إلا ما أراد الله. فقال بعضهم: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} [الأنبياء ٢] أفيكون محدث إلا مخلوقا؟ فقلت: قال الله: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص] فالذكر هو القرآن. وتلك ليس فيها ألف ولام. وذكر بعضهم حديث عمران بن حصين أن الله خلق الذكر. فقلت: هذا خطأ، حدثنا غير واحد: إن الله كتب الذكر.

واحتجوا بحديث ابن مسعود: ما خلق الله من جنة ولا نار ولا سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي. فقلت: إنما وقع الخلق على الجنة والنار والسماء والأرض، ولم يقع على القرآن. فقال بعضهم: حديث خباب: يا هنتاه، تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحب إليه من كلامه. قلت: هكذا هو.

قال صالح بن أحمد: وجعل ابن أبي دؤاد ينظر إلى أبي كالمغضب، قال أبي: وكان يتكلم هذا، فأرد عليه، ويتكلم هذا، فأرد عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين هو والله ضال مضل مبتدع، فيقول: كلموه، ناظروه، فيكلمني هذا، فأرد عليه، ويكلمني هذا، فأرد عليه، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم: ويحك يا أحمد ما تقول؟ فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنة رسول الله حتى أقول به، فيقول ابن أبي دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسول الله؟ فقلت له: تأولت تأويلا، فأنت أعلم، وما تأولت ما يحبس عليه وما يقيد عليه.

قال حنبل: قال أبو عبد الله: لقد احتجوا علي بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أن أحكيه. أنكروا الآثار، وما ظننتهم على هذا حتى سمعت

<<  <  ج: ص:  >  >>