وجاء من إنشاء الفاضل: وأما ما أمر به المولى من إنشاء سور القاهرة فقد ظهر العمل، وطلع البناء، وسلكت به الطريق المؤدية إلى الساحل بالمقسم. والله يعمر المولى إلى أن يراه نطاقًا على البلدين، وسورًا بل سوارًا يكون الإسلام به محلى اليدين، والأمير بهاء الدين قراقوش ملازم للاستحثاث بنفسه ورجاله.
قلت: وهذه السنة هي آخر المنتظم.
[سنة خمس وسبعين وخمسمائة]
أجاز لنا شيخنا أبو بكر محفوظ بن معتوق بن أبي بكر بن عمر البغدادي بن البزوري التاجر قد ذيّل المنتظم في عدة مجلدات ذهبت في أيام التتار الغازانية سنة تسع وتسعين وستمائة من خزانة كتبه الموقوفة بتربته بسفح قاسيون، ثم ظفرنا ببعضها.
فذكر في حوادث هذه السنة، سنة خمس وسبعين وخمسمائة، أن أبا الحسن علي بن حمزة بن طلحة حاجب باب النوبي عزل بعميد الدين أبي طالب يحيى بن زيادة.
وفي صفر وصل إلى بغداد ثلاثة عشر نجابًا، نفذهم صلاح الدين يبشرون بكسرة الفرنج، فضربت الطبول على باب النوبي، وخلع عليهم، وأخبروا أن صلاح الدين حارب الفرنج ونصر عليهم وأسر أعيانهم، وأسر صاحب الرملة، وصاحب طبرية.
قلت: وهي وقعة مرج العيون. ومن حديثها أن صلاح الدين كان نازلًا بتل بانياس يبث سراياه، فلما استهل المحرم ركب فرأى راعيًا، فسأله عن الفرنج، فأخبر بقربهم. فعاد إلى مخيمه، وأمر الجيش بالركوب، فركبوا، وسار بهم حتى أشرف على الفرنج وهم في ألف قنطارية، وعشرة آلاف مقاتل من فارس وراجل. فحملوا على المسلمين، فثبت لهم المسلمون، وحملوا عليهم فولوا الأدبار، فقتل أكثرهم، وأسر منهم مائتان وسبعون أسيرًا، منهم: بادين