وذكر له شيخنا أبو حيّان ترجمة، ثمّ قال: ثم الّذين أرّخوا في علماء أهل الأندلس ذكروا أبا محمد هذا شيخ ابن عيسى فلم يذكروا في شيوخه أحدًا من هؤلاء، هذا مع علمهم، واطّلاعهم على أحوال أهل بلادهم.
ثم قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن صالح الكنانيّ الشاطبيّ إجازةً، وغيره عن الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعيّ عرف بالأبّار صاحب كتاب التكملة، قال: عبد الله بن محمد بن خلف بن سعادة الأصبحي من أهل دانية، يكنى أبا محمد، سمع أبا بكر بن نمارة، ولازم ببلنسية أبا الحسن بن سعد الخير، ثمّ رحل إلى المشرق، فسمع بالإسكندرية من أبوي الطّاهر السّلفيّ وابن عوف، وغيرهما. حدّث عنه أبو القاسم عيسى بن الوجيه أبي محمد عبد العزيز الشّريشيّ وحمّله الرواية عن قومٍ لم يرهم ولا أدركهم وبعضهم لا يعرف، وذلك من أوهام هذا الشيخ عيسى واضطّرابه في روايته، وسمع أيضًا من أبي عبد الله الحضرميّ، وأبي القاسم عليّ بن مهديّ الإسكندرانيّ، وأكثر عنهم.
إلى أن قال شيخنا أبو حيّان: وأبو عبد الله الأبّار متى عرض له في تاريخه ذكر أبي القاسم بن عيسى يحذّر منه حتى إنّه يذكره في موضع وقال: إنما أكرّر الكلام عليه ليحذر منه، أو قريبًا من هذا المعنى أو نحوه. وذكر أيضًا أنه نسب دواوين شعر لناسٍ ما نظموا حرفًا قطّ ولا علم ذلك منهم.
ثمّ قال أبو حيّان: فانظر إلى ابن عيسى كيف ادّعى أنه قرأ على ابن سعادة القرآن بنحوٍ من خمسين كتابًا!! وأنه قرأ منها أربعة وثلاثين كتابًا؟! ونسبته إلى الرواية عن هؤلاء المشايخ الذين ما ذكر أحدٌ أنه روى عن واحدٍ منهم، بل أكثر ما ذكر له الأبّار رجلان من أهل الأندلس ابن نمارة، وابن سعد الخير، نعوذ بالله من الكذب والخذلان، وآخر من روى القراءات تلاوةً عن واحد عن أبي عمرو الدّاني فيما علمنا أبو الحسن بن هذيل، وتوفّي سنة أربعٍ وستين وخمسمائة، فكيف يكون ابن سعادة يحدّث بالتّلاوة عن واحدٍ عن أبي عمرو وكان حيًّا في سنة ثلاثٍ وسبعين؟ وربما عاش بعد ذلك سنين.
قال: وأما الرجل الآخر الذي روى عنه أبو القاسم بن عيسى القراءات، فهو أبو الحسن مقاتل بن عبد العزيز بن يعقوب، قال: قرأت عليه التّجريد