علم النّحو، وكذلك اللّغة. نفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأعطاهم، إلى أن قال: لم يسمع أحدٌ منه ممّن يصحبه كلمة نزقة. وكان يقول كثيرًا: اعتقادي في الأصول ما سطّره أبو جعفر الطّحاوي. وأوصى أن يدفن في لحدٍ، وأن لا يبنى عليه بناءٌ، بل يكون قبره تحت السماء، وكان يقول في مرضه: لي عند الله في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به.
وقال ابن واصل: كان جند المعظّم ثلاثة آلاف فارس لم يكن عند أحد من إخوته جند مثلهم في فرط تجمّلهم، وحسن زيّهم، فكان بهذا العسكر القليل يقاوم إخوته، فكان الكامل يخافه لما يتوهّمه من ميل عسكر مصر إليه لما يعلمونه من اعتنائه بأمر أجناده. وكان المعظّم يخطب لأخيه الكامل في بلاده، ويضرب السّكة باسمه، ولا يذكر اسمه مع الكامل. وكان مع شهامته، وعظم هيبته قليل التّكلّف جدًّا، لا يركب في السّناجق السلطانية في غالب أوقاته، بل في جمع قليل وعلى رأسه كلوتة صفراء بلا شاش، ويتخرّق الطّرق، ولا يطرّق له أحد. ولقد رأيته بالبيت المقدّس في سنة ثلاثٍ وعشرين والرجال والنّساء يزاحمونه ولا يردّهم. ولمّا كثر هذا منه، ضرب به المثل، فمن فعل فعلًا لا تكلّف فيه قيل: فعله بالمعظّمي. وكان شيخه في الفقه جمال الدّين الحصيري، تردّد إليه وإلى الكندي كثيرًا. وكان قد بحث كتاب سيبويه وطالعه مرّات. بلغني أنّ أباه قال له: كيف خالفت أهلك وصرت حنفيًا؟ قال: يا خوند ألا ترضون أن يكون منّا واحدٌ مسلم؟ قاله على سبيل المداعبة.