للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما أتاك قتله أضافتك عداوة علي أن لحقت بمعاوية، فبعت دينك منه بمصر، فقال معاوية: حسبك يرحمك الله، عرضني لك عمرو، وعرض نفسه.

وكان عمرو من أفراد الدهر دهاء، وجلادة، وحزما، ورأيا، وفصاحة.

ذكر محمد بن سلام الجمحي: أن عمر بن الخطاب كان إذا رأى رجلا يتلجلج في كلامه قال: خالق هذا وخالق عمرو بن العاص واحد.

وقال مجالد، عن الشعبي، عن قبيصة بن جابر قال: صحبت عمر، فما رأيت رجلا أقرأ لكتاب الله منه، ولا أفقه في دين الله منه، ولا أحسن مداراة منه، وصحبت طلحة بن عبيد الله، فما رأيت رجلا أعطى لجزيل منه من غير مسألة، وصحبت معاوية، فما رأيت أحلم منه، وصحبت عمرو بن العاص، فما رأيت رجلا أبين، أو قال أنصع، طرفا منه، ولا أكرم جليسا، ولا أشبه سريرة بعلانية منه، وصحبت المغيرة بن شعبة، فلو أن مدينة لها ثمانية أبواب، لا يخرج من باب منها إلا بمكر لخرج من أبوابها كلها.

وقال موسى بن علي بن رباح، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرا كان يسرد الصوم، وقلما كان يصيب من العشاء أول الليل أكثر مما كان يأكل من السحر.

وقال عمرو بن دينار: وقع بين المغيرة بن شعبة وبين عمرو بن العاص كلام، فسبه المغيرة، فقال عمرو: يا لهصيص، أيسبني ابن شعبة! فقال عبد الله ابنه: إنا لله، دعوت بدعوى القبائل وقد نهي عنها. فأعتق ثلاثين رقبة.

وقال عمرو بن دينار: أخبرني مولى لعمرو بن العاص، أن عمرا أدخل في تعريش الوهط - وهو بستان له بالطائف - ألف ألف عود، كل عود بدرهم.

وقال يزيد بن أبي حبيب: حدثني عبد الرحمن بن شماسة قال: لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى، فقال له ابنه: لم تبكي، أجزعا من الموت؟! قال: لا والله ولكن ما بعد، قال: قد كنت على خير، فجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>