بقصصك، أترى أنا خالفنا عليا لفضل منا عليه، لا والله، إن هي إلا الدنيا نتكالب عليها، وايم الله لتقطعن لي قطعة من دنياك، أو لأنابذنك، قال: فأعطاه مصر، يعطي أهلها عطاءهم، وما بقي فله.
ويروى أن عليا كتب إلى عمرو يتألفه، فلما أتاه الكتاب أقرأه معاوية وقال: قد ترى، فإما أن ترضيني، وإما أن ألحق به، قال: فما تريد؟ قال: مصر، فجعلها له.
وعن يزيد بن أبي حبيب وغيره، أن الأمر لما صار لمعاوية استكثر طعمة مصر لعمرو، ورأى عمرو أن الأمر كله قد صلح به وبتدبيره وعنائه، وظن أن معاوية سيزيده الشام مع مصر، فلم يفعل معاوية، فتنكر له عمرو، فاختلفا وتغالظا، فدخل بينهما معاوية بن حديج، فأصلح أمرهما، وكتب بينهما كتابا: أن لعمرو ولاية مصر سبع سنين، وأشهد عليهما شهودا، ثم مضى عمرو إليها سنة تسع وثلاثين، فما مكث نحو ثلاث سنين حتى مات.
ويروى أن عمرا ومعاوية اجتمعا، فقال معاوية له: من الناس؟ قال: أنا، وأنت، والمغيرة بن شعبة، وزياد، قال: وكيف ذاك؟ قال: أما أنت فللتأني، وأما أنا فللبديهة، وأما مغيرة فللمعضلات، وأما زياد فللصغير والكبير، قال: أما ذانك فقد غابا، فهات أنت بديهتك، قال: وتريد ذلك؟ قال: نعم، قال: فأخرج من عندك، فأخرجهم، فقال: يا أمير المؤمنين أسارك، قال: فأدنى منه رأسه، فقال: هذا من ذاك، من معنا في البيت حتى أسارك؟!.
وقال جويرية بن أسماء: إن عمرا قال لابن عباس: يا بني هاشم، أما والله لقد تقلدتم بقتل عثمان قرم الإماء العوارك، أطعتم فساق أهل العراق في عتبة، وأجزرتموه مراق أهل مصر، وآويتم قتلته. فقال ابن عباس: إنما تكلم لمعاوية، وإنما تكلم عن رأيك، وإن أحق الناس أن لا يتكلم في أمر عثمان لأنتما، أما أنت يا معاوية فزينت له ما كان يصنع، حتى إذا حصر طلب منك نصرك، فأبطأت عنه، وأحببت قتله وتربصت به، وأما أنت يا عمرو، فأضرمت المدينة عليه، وهربت إلى فلسطين تسأل عن أبنائه،