للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الدارقطني (١): هو مقدم في شعراء المحدثين، قدمه بعضهم على بشار بن برد وعلى أبي نواس.

قال الأصمعي: قال لي رجل: قدمت المدينة فقصدت منزل ابن هرمة فإذا بنية له صغيرة تلعب بالطين، فقلت لها: ما فعل أبوك؟ قالت: وفد إلى بعض الملوك، فما لنا به علم منذ مدة، فقلت: انحري لي ناقة فأنا ضيفك. قالت: والله ما عندنا، قلت: فشاة، قالت: والله ما عندنا، قلت: فدجاجة، قالت: والله ما عندنا، قلت: فهاتي بيضة، قالت: والله ما عندنا، قلت: فبطل ما قال أبوك:

كم ناقة قد وجأت منحرها … بمستهل الشؤبوب (٢) أو جمل

قالت: فذاك الفعل من أبي هو الذي أصارنا إلى أن ليس عندنا شيء.

وتمام الشعر:

لا أمتع العوذ بالفصال ولا … أبتاع إلا قصيرة الأجل

إني إذا ما البخيل أمنها … باتت ضمورا مني على وجل

قال الغلابي: أخبرنا ابن عائشة قال: قدم ابن هرمة على المنصور فمدحه، فأعطاه عشرة آلاف درهم وقال: يا ابن هرمة إن الزمان ضيق بأهله، فاشتر بهذه إبلا عوامل، وإياك أن تقول: كلما مدحت أمير المؤمنين أعطاني مثلها، هيهات والعود إلى مثلها.

ومن شعره:

وللنفس تارات تحل بها العرى … وتسخو عن المال النفوس الشحائح

إذا المرء لم ينفعك حيا فنفعه … أقل إذا انضمت عليه الصفائح

لأية حال يمنع المرء ماله … غدا فغدا والموت غاد ورائح

وله:

كأن عيني إذا ولت حمولهم … عنا جناحا حمام صادفت مطرا

أو لؤلؤ سلس في عقد جارية … خرقاء نازعها الولدان فانتثرا (٣)


(١) المؤتلف والمختلف ٤/ ٢٣٠٥ - ٢٣٠٦.
(٢) الشؤبوب: الدفعة من المطر.
(٣) من تاريخ دمشق ٧/ ٦٣ - ٨٠.