وقال محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: كان الشّعبيّ صاحب آثار، وكان إبراهيم النّخعيّ صاحب قياس.
وقال سلمة بن كهيل: ما اجتمع الشّعبيّ وإبراهيم إلاّ سكت إبراهيم.
وقال ابن شبرمة: سئل الشّعبيّ عن شيءٍ فلم يجب، فقال رجلٌ عنده: أبو عمرو يقول فيه كذا، فقال الشّعبيّ: هذا في المحيا، فأنت في الممات أكذب عليّ!
قال ابن عائشة: وجّه عبد الملك بن مروان بالشّعبيّ إلى ملك الروم، فلما رجع قال عبد الملك: تدري يا شعبيّ ما كتب به ملك الروم؟ قلت: وما كتب؟ قال: كتب: العجب لأهل دينك، كيف لم يستخلفوا رسولك؟ قلت: يا أمير المؤمنين؛ لأنّه رآني ولم ير أمير المؤمنين، رواها الأصمعيّ، وفيها: يا شعبيّ إنّما أراد أن يغريني بقتلك، فبلغ ذلك ملك الروم، فقال: والله ما أردت إلا ذلك.
جابر بن نوح الحماني: حدّثني مجالد، عن الشّعبيّ قال: لما قدم الحجّاج العراق سألني عن أشياء من العلم فوجدني بها عارفاً، فجعلني عريفاً على الشعبيّين ومنكباً على جميع همدان، وفرض لي، فلم أزل عنده بأشرف منزلةٍ، حتى كان ابن الأشعث، فأتاني قرّاء أهل الكوفة، فقالوا: يا أبا عمرو إنّك زعيم القرّاء، فلم يزالوا حتى خرجت معهم، فقمت بين الصّفّين أذكر الحجّاج وأعيبه بأشياء، فبلغني أنّ الحجّاج قال: ألا تعجبون من هذا الشّعبيّ الخبيث، أما لئن أمكنني الله منه لأجعلنّ الدنيا عليه أضيق من مسك حمل، قال: فما لبثنا أن هزمنا، فجئت إلى بيتي وأغلقت عليّ، فمكثت تسعة أشهر، فندب النّاس لخراسان، فقال قتيبة بن مسلم: أنا لها، فولاّه خراسان، ونادى مناديه: من لحق بقتيبة فهو آمنٌ، فاشترى مولىً لي حماراً وزوّدني، فخرجت، فكنت في العسكر، فلم أزل معه حتى أتينا فرغانة، فجلس ذات يوم وقد برق، فنظرت إليه فقلت: أيّها الأمير،