للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في عُنفُوان الصِّبا ما كنتُ بالغزلِ … فكيفَ أصبو وسنِّي سنُّ مكتهلِ

كأنني بمشي وهو مُشتعل … بياضه في سوادِ الفاحِمٍ الزَّجلِ

من يهوَ يهو إلى قَعْر الهوانِ عمى … شتَّان بينَ شجٍ عانٍ وبينَ خَلِي

وخيرُ ما نلتَ من دُنياك مُقتبسًا … عِلمٌ ولكن إِذَا ما زينَ بالعملِ

واهًا لمستيقظٍ من نوم غَفلتهِ … لِفَهْمِ آدابِ أهل الْأعصُرِ الْأُوَلِ

قَالُوا امتدِحْ عُظماءَ النَّاسِ قُلْتُ لهم … خوف الزّنابيرِ يُثنيني عنِ العسلِ

إلى أن قَالَ:

يا رُبّ بيضٍ سللنَ البيضَ من حدقٍ … سودٍ ومشيٍ كأعطافِ القنا الذُّبلِ

هيفُ الخُصورِ نقيَّاتُ الثغُورِ أثيـ … ـثات الشُّعور هَجَرْنَ الكُحْلَ للكحلِ

مثلُ الشموس انجلى عَنْهَا الغَمامُ إِذَا … غازلننا من وراءِ السُّجف والكللِ

ومنها:

وما تركت مقال الشعر عن خورٍ … ولا انتجاعَ كِرام النَّاس من كسلِ

لكن أروني كريمًا في الزمانِ وما … شئتم منَ المدح فاستملوه من قِبلي

لَا تأسفنَّ عَلَى ما لم تنله من الـ … ـدنيا فليس يُنال الرِّزق بالحيلِ

وَهِيَ نيّف وتسعون بيتًا، وقد مدح ملوكًا، وأكابر.

تُوُفِّي في المحرم بالشاغور (١).

٣٢١ - كيكاوس بن كيخسرو بن قلج رسلان، السلطان الملك الغالب عز الدين صاحب الروم: قونية، وملطية، وأقصرا، وأخو السلطان علاء الدين كيقباذ.

قال أبو المظفر ابن الجوزي (٢): كان جباراً، ظالماً، سفاكاً للدماء. وكان لما عاد إلى بلده من كسرة الملك الأشرف له بحلب، عند مجيئه ليأخذ حلب؛ إذ مات سلطانها الملك الظاهر، اتهم جماعةً من أمراء دولته أنهم قصَّروا في القتال، وكذا كان، فسلق بعضهم في القدور، وجعل آخرين في بيت وأحرقهم. فأخذه الله بغتةً، فمات فُجاءة وهو سكران. وقيل: بل ابتلي في بدنه فتقطَّع. وكان أخوه كيقباذ محبوساً، وقد همّ بقتله، فبادروا وأخرجوه


(١) تنظر ترجمته في التكملة للمنذري ٢/ الترجمة ١٥٧٨.
(٢) مرآة الزمان ٨/ ٥٩٨.