ثم بعث عسكراً فهزمهم سليمان، فرتب الناس للقتال، وكان أكثر جند ابن عبد الجبار لحامين وحاكة، وقارب سليمان قرطبة، فبرز إليه عسكر ابن عبد الجبار، فناجزهم سليمان، فكان من غرق منهم في الوادي أكثر ممن قتل، وكانت وقعة هائلة، وذهب خلق من الأخيار والمؤذنين والأئمة، فلما أصبح ابن عبد الجبار أخرج المؤيد بالله هشام بن الحكم الذي كان أظهر موته، فأجلسه للناس، وأقبل القاضي يقول: هذا أمير المؤمنين، وإنما محمد نائبه، فقال له البربر: يا ابن ذكوان، بالأمس تصلي عليه، واليوم تحييه! وخرج أهل قرطبة إلى المستعين سليمان فأحسن ملقاهم، واختفى ابن عبد الجبار، واستوسق أمر المستعين، ودخل القصر، ووارى الناس قتلاهم، فكانوا نحو اثني عشر ألفاً.
ثم هرب ابن عبد الجبار إلى طليطلة، فقاموا معه، وكتب إلى الفرنجية ووعدهم بالأموال، فاجتمع إليه خلق عظيم، وهو أول مال انتقل من بيت المال بالأندلس إلى الفرنج، وكانت الثغور كلها باقية على طاعة ابن عبد الجبار، فقصد قرطبة في جيش كبير، فكان الملتقى على عقبة البقر على بريد من قرطبة، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانهزم سليمان، واستولى المهدي على قرطبة ثانياً، ثم خرج بعد أيام إلى قتال جمهرة البربر، فالتقاهم بوادي آره، فهزموه، ففر إلى قرطبة، فوثب عليه العبيد ثم انهزم ابن عبد الجبار أقبح هزيمة، وقتل من الفرنج ثلاثة آلاف في السنة، وغرق منهم خلق، وأسر ابن عبد الجبار ثم ضربت عنقه، وقطعت أربعته في ثامن ذي الحجة سنة أربعمائة، وله أربع وثلاثون سنة؛ وثب عليه العبيد، إذ جاء قرطبة منهزماً.
٣٤٣ - مطهر بن أحمد بن مطهر الأشموني.
توفي بمصر في ذي الحجة وله خمس وثمانون سنة.
٣٤٤ - هشام بن عبيد الله ابن الناصر لدين الله عبد الرحمن بن محمد الأموي الأمير، أبو الوليد الأندلسي، ويعرف بصاحب الخضراء.
قال الأبار: كان خير من تبقى من أهل بيت الخلافة عفافاً ومروءة