قال الحافظ ابن عساكر: كان الفندلاوي حسن المفاكهة، حلو المحاضرة، شديد التعصّب لمذهب أهل السنة، يعني الأشاعرة، كريم النفس، مطّرحًا التكلّف، قوي القلب، سمعت أبا تُراب بن قيس يذكر أنه كان يعتقد اعتقاد الحشوية، ويبغض الفندلاوي لردّه عليهم، وأنه خرج إلى الحج، وأُسر في الطريق، وألقي في جبّ، وألقي عليه صخرة، وبقي كذلك مدة يُلقى إليه ما يأكل، وأنه أحس ليلة بحس، فقال: من أنت؟ قال: ناولني يدك، فناوله يده، فأخرجه من الجب، فلما طلع إذا هو الفِندلاوي، فقال: تُب مما كنت عليه، فتاب.
قال ابن عساكر: وكان ليلة الختم في رمضان يخطب رجل في حلقة الفندلاوي بالجامع ويدعو، وعنده أبو الحسن بن المسلم الفقيه، فرماهم خارج من الحلقة بحجر، فلم يُعرف، فقال الفندلاوي: اللهم اقطع يده، فما مضى إلا يسير حتى أُخذ خضير الركابي من حلقة الحنابلة ووُجد في صندوقه مفاتيح كثيرة لفتح الأبواب للسرقة، فأمر شمس الملوك بقطع يديه، ومات من قطعهما.
قُتل الفندلاوي يوم السبت سادس ربيع الأول سنة ثلاث بالنيرب مجاهدًا للفرنج، وفي هذا اليوم نزلوا على دمشق، فبقوا أربعة أيام، ورحلوا لقلة العلف والخوف من العساكر المتواصلة من حلب، والموصل نجدةً، وكان خروج الفندلاوي إليهم راجلًا فيمن خرج.
وذكر صاحب الروضتين أن الفندلاوي قُتل على الماء قريب الربوة، لوقوفه في وجوه الفرنج، وترك الرجوع عنهم، اتّبع أوامر الله تعالى وقال بِعنا واشتري، وكذلك عبد الرحمن الحلحولي الزاهد، رحمه الله، جرى أمره هذا المجرى.
وذكر ابن عساكر أن الفِندلاوي رؤي في المنام، فقيل له: أين أنت؟ فقال: في جنات عدن على سُرُرٍ متقابلين. وقبره يُزار بمقبرة باب الصغير من ناحية حائط المصلّى، وعليه بلاطة كبيرة فيها شرحُ