وقعات، ثم هادنه عبد الله وتوجه نحو قنسرين وخلف بدمشق أبا غانم عبد الحميد بن ربعي الطائي في أربعة آلاف فارس، وسار فما بلغ حمص حتى انتقض عليه أهل دمشق وبيضوا ونبذوا السواد، وكان رأسهم الأمير عثمان بن عبد الأعلى بن سراقة الأزدي، فهزموا أبا غانم وأثخنوا في أصحابه، وأقبلت جموع الحلبيين وانضم إليهم الحمصيون وأهل تدمر، وعليهم كلهم أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية السفياني، وصار في أربعين ألفاً، وأبو الورد كالوزير له، فجهز عبد الله لحربهم أخاه عبد الصمد بن علي في عشرة آلاف، فالتقى الجمعان واستمر القتل بالفريقين، وانكشف عبد الصمد، وذهب تحت السيف من جيشه ألوف، وانتصر السفياني، فقصده عبد الله بنفسه ومعه حميد بن قحطبة فالتقوا، وعظم الخطب واستظهر عبد الله فثبت أبو الورد في خمس مائة، فراحوا تحت السيف كلهم، وهرب السفياني إلى تدمر، ورجع عبد الله إلى دمشق وقد عظمت هيبته، فتفرقت كلمة أهلها وهربوا فآمنهم وعفا عنهم، وهرب السفياني إلى الحجاز وأضمرته البلاد إلى أن قتل في دولة المنصور، بعث إليه متولي المدينة زياد بن عبد الله الحارثي خيلاً فظفروا به وقتلوه وأسروا ولديه فعفا عنهما المنصور وخلاهما.
ولما بلغ أهل الجزيرة هيج أهل الشام خلعوا السفاح أيضاً وبيضوا وبيض أهل قرقيسياء، فسار لحربهم أبو جعفر أخو السفاح فجرت لهم وقعات، ثم انتصر أبو جعفر وحكم على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية، وضبط تلك الناحية إلى أن انتهت إليه الخلافة، ثم شخص أبو جعفر لما مهد ذلك القطر إلى خراسان إلى صاحب الدولة أبي مسلم ليأخذ رأيه في قتل وزير دولتهم أبي سلمة حفص بن سليمان الخلال، وذلك أنه لما نزل عنده آل العباس بالكوفة وحدثته نفسه فيما قيل أن يبايع رجلاً من آل علي ويذر آل العباس، وشرع يخفي أمرهم على القواد، فبادروا وبايعوا السفاح كما ذكرنا فبايعه أبو سلمة الخلال وبقي متهماً عندهم.
قال أبو جعفر: انتدبني أخي السفاح للذهاب إلى أبي مسلم، فسرت وجلاً فأتيت الري ومنها إلى مرو، فلما كنت على فرسخين منها تلقاني أبو