وسارت فرقة إلى طوس فبدعوا بها. ثم ساروا إلى هراة فحصروها عشرة أيام وأخذوها بالأمان، ثم قتلوا بعض أهلها، وجعلوا بها شحنة.
ثم ساروا إلى غزنة فالتقاهم السلطان جلال الدين فكسرهم، فوثب أهل هراة وقتلوا الشحنة، فلما رجع المنهزمون قتلوا عامة أهل هراة، وسبوا الذرية وأحرقوا البلد. ورجعوا إلى جنكزخان وهو بالطالقان يبث جيوشه، وكان قد نفذ جيشاً عظيماً لحصار خوارزم، فنازلوها خمسة أشهر، وبها عسكر وشجعان، فقتل خلائق من الفريقين، ثم أخذت عنوة، وقتل أهلها، ثم سلطوا عليها نهر جيحون فغرقت وتهدمت.
[سنة ثمان عشرة وستمائة]
فيها التقى السلطان جلال الدين ابن خوارزم شاه هو وتولي خان مقدم التتار، فكسرهم جلال الدين وركب أكتافهم قتلاً بالسيف، وقتل مقدمهم تولي خان بن جنكزخان، وأسر خلقاً من التتار. فلما وصل الخبرُ إلى جنكزخان قامت قيامته ولم يقر له قرار دون أن جمع التتار، وسار يجد السير إلى حافة السند.
وكان جلال الدين قد انثنى عنه أخوه وجماعة من العسكر فضاق عليه الوقت في استرجاعهم لقرب التتار منه، فكرب في شوال سنة ثمان عشرة فالتقى الجمعان، وثبت السلطان جلال الدين في شرذمة، ثم حمل بنفسه على قلب جنكزخان فمزقه، وولى جنكزخان منهزماً وكادت الدائرة تدور عليه لولا أنه أفرد كميناً قبل المصاف نحو عشرة آلاف، فخرجوا على ميمنة السلطان وعليها أمين ملك، فانكسرت وأسر ابن جلال الدين، فتبدد نظامهُ، وتقهقر إلى حافة السند، فرأى والدته ونساءه يصحن: بالله اقتلنا وخلصنا من الأسر. فأمر بهنّ فغرقن. وهذه من عجائب المصائب، نسأل الله حسن العواقب.
فلما سدت دونه المهارب وأحاطت به النوائب؛ فالسيوف وراءه، والبحر أمامه، فرفس فرسه في الماء على أنه يموت غريقاً فعبر به فرسه ذلك النهر العظيم لُطفاً من الله به، وتخلص إلى تلك الجهة زهاء أربعة آلاف رجل من