سهل يأمرانه بتسليم ما حوى من المدن إلى هرثمة، والتوجه إلى الأهواز، فسلم ذلك إليه، وأقام هرثمة بحلوان فحصنها، وأحكم أموره، ومضى طاهر إلى الأهواز، ودعا المأمون الفضل بن سهل فولاه على جميع المشرق من همذان إلى جبل سفيان والتبت طولا، ومن بحر فارس والهند إلى بحر الديلم وجرجان عرضا، وقرر له على ذلك ثلاثة آلاف ألف درهم، ولقبه ذا الرياستين، ثم ولى أخاه الحسن بن سهل ديوان الخراج.
وكان في حبس الرشيد عبد الملك بن صالح بن علي، فأطلقه الأمين وقربه، فدخل عليه هذه الأيام، وقال: يا أمير المؤمنين إني أرى الناس قد طمعوا فيك، وقد بذلت سماحتك، فإن بقيت على أمرك أبطرتهم، وإن كففت عن البذل أسخطتهم، ومع هذا فإن جندك قد داخلهم الرعب وأضعفتهم الوقائع، وهابوا عدوهم، فإن سيرتهم إلى طاهر غلب بقليل من معه كثيرهم، وأهل الشام قوم قد ضرستهم الحروب، وأدبتهم الشدائد، وجلهم منقاد لي مسارع إلى طاعتي، فإن وجهتني اتخذت لك منهم جندا تعظم نكايته في عدوه، فولاه الشام والجزيرة، واستحثه بالخروج، فلما بلغ الرقة أقام بها، وأنفذ رسله وكتبه إلى رؤساء الأجناد بجمع الأمداد والرجال والزواقيل والأعراب من كل فج، وخلع عليهم، ثم إن بعض جنده الخراسانية نظر إلى فرس كانت أخذت منه في وقعة سليمان بن أبي جعفر بالشام تحت بعض الزواقيل، فتعلق بها، فتنازعا الفرس، واجتمعت الناس وتلاحموا، وأعان كل فئة صاحبها، وتضاربوا بالأيدي، فاجتمعت بعض الأبناء إلى محمد بن أبي خالد الحربي، فقالوا: أنت شيخنا، وقد ركب الزواقيل منا ما سمعت، فاجمع أمرنا وإلا استذلونا، فقال: ما كنت لأدخل في شغب، ولا أشاهدكم على مثل هذه الحال، فاستعد الأبناء، وأتوا الزواقيل وهم غارون، فوضعوا فيهم السيف، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، فتنادى الزواقيل، ولبسوا لأمة الحرب، وشبت الحرب بينهم، فوجه عبد الملك رسولا يأمرهم بالكف، فرموه بالحجارة، وكان عبد الملك مريضا مدنفا، فقال: واذلاه! تستضام العرب في دورها، وبلادها وتقتل؟! فغضب من كان أمسك عن الشر من الأبناء، وتفاقم الأمر.
وقام بأمر الأبناء الحسين بن علي بن عيسى بن ماهان، وأصبح الزواقيل وقد جيشوا بالرقة، واجتمع الأبناء والخراسانية بالرافقة، وقام رجل من أهل حمص، فقال: يا أهل حمص،