كربوقا بحمص. ثمّ سار إلى بلاد الجزيرة فملكها، ثمّ ملك خلاط وغيرها. ثم سار فافتتح أذربيجان جميعها، وكثرت جيوشه واستفحل أمره.
وسار بركياروق في طلب عمه، فبيته ليلة عسكر تتش، فانهزم بركياروق في طائفة يسيرةٍ، ونهبت أثقاله، فقصد أصبهان لما بلغه موت امرأة أبيه تركان، ففتحوا له خديعة، وقبضوا عليه، وأرادت الأمراء أن يكحلوه، فاتفق أن أخاه محمود ابن السّلطان ملكشاه جدر، فقال لهم الطبيب: ما كأنه يسلم، فلا تعجلوا بكحل هذا، وأنتم تكرهون أن يملك تاج الدّولة تتش، فدعوا هذا حتّى تنظروا في أمركم، فمات محمود في سلخ شوال وله سبع سنين، فملكوا بركياروق، ووزر له مؤيد الملك ابن نظام الملك، لأن أخاه الوزير عز الملك مات بناحية الموصل مع السّلطان، فأخذ مؤيد الملك يكاتب له الأمراء ويتألفهم، فقوي سلطانه وتم.
وفيها مات المستنصر بالله الرافضي صاحب مصر، وقام بعده ابنه المستعلي.
وفيها مات بدر أمير الجيوش قبل المستنصر بأشهر.
وفيها مات محمد بن أبي هاشم الحسيني أمير مكة، وقد نيف على السبعين وكان ظالماً قليل الخير، أمر بنهب الركب في هذا العام.
وفيها قتل السّلطان بركياروق عمه تكش وغرقه، وكان محبوساً مكحولاً بقلعة تكريت، لأنه اطلع منه على مكاتبات.
وكانت تركان الخاتون قد بعثت جيشاً مع الأمير أنر لأخذ فارس من الملك تورانشاه بن قاروت بك، فانهزم تورانشاه، ولم يحسن أنر تدبير أمر فارس، واستوحش منه الأجناد وانحازوا إلى تورانشاه، وعمل معه مصافاً، فانهزم أنر. ومات تورانشاه من سهم أصابه، ومرضت تركان وهي بنت طمغان خان أحد ملوك الترك، وكان لها هيبة وصولة، وأمر مطاع، لأنها بنت ملك كبير، ولأن زوجها سلطان الوقت كان، وابنها ولي عهد، وهي حماة المقتدي بالله، إلى غير ذلك. وكانت قد تجهزت تريد المسير إلى تاج الدّولة لتتزوج به. فأدركها الأجل، وأوصت بولدها إلى الأمير أنر، ولم يكن بقي له سوى أصبهان.