للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في أبيات أخر، وجمْلتها ستةٌ وستّون بيتًا.

قال ابن الكازرونيّ وغيره: ما زالوا في قتلٍ وسبي وتعذيب عظيم لاستخراج الأموال مدة أربعين يومًا، فقتلوا النّساء والرجال والأطفال أهل البلد وأهل سائر القرى ما عدا النّصارى، عُيّن لهم شحاني حرسُوهُمْ، وانضمّ إليهم خلقٌ مسلمون سلِموا. وكان ببغداد عدةٌ من التُّجار سلِموا بفرمانات والتجأ إليهم خلق، وسلم من بدار ابن العَلْقَمي، ودار ابن الدّامَغَانيّ صاحب الدّيوان ودار ابن الدّواميّ الحاجب، وما عدا ذلك ما سلِم إلاّ من اختفى في بئرٍِ أو قناة، وأحرق معظم البلد، وكانت القتلى في الطُّرق كالتُّلول. ومن سلم وظهر خرجوا كالموتى من القبور خوفًا وجوعًا وبردًا، وسلِم أهل الحلّة والكوفة، أمّنهم القان، وبعث إليهم شحاني، وسلمت البصرة وبعض واسط، ووقع الوباء فيمن تخلّف.

وفيها كانت وقعة الملك المغيث مع المصريّين فانكسر كما ذكرنا، وهرب هو وبدر الدّين الصّوابيّ والبُنْدقْداريّ الذي تسلطن، فوصلوا إلى أسوأ حال.

وأما مصر فزيَّنت في ربيع الآخر للنّصر، وعاثت البحريّة بعد الكسرة وأفسدوا، فجهزّ لحربهم الملك الناصر مجير الدّين ابن أبي زكري، ونور الدّين عليّ بن الأكتع فالتقوا على غزّة، فانتصرت البحريّة وأسروا الأميرين وحملوهما إلى الكرك، وقويت شوكتهم، فبرز دهليز الملك النّاصر، وعزم على قتالهم بنفسه، فقرُبت البحرية من دمشق، فهجم رُكن الدّين البُنْدُقداري في بعض الأيام على الدِّهليز وهو عند الجسورة، وقطع أطناب الدِّهليز.

وولّى هولاكو على العراق نوّابه، وعزم ابن العلْقَمي على أن يحسِّن لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة علويًا فلم يتهيأ ذلك له، واطَّرَحَتْه التّتار، وبقي معهم على صورة بعض الغلمان، ثمّ مات كمدًا، قولوا: لا رحمه الله.

وسار هولاكو قاصدًا إلى أذَرْبيجان فنزل إليه بدر الدّين صاحب الموصل فأكرمه وردّه إلى الموصل، ونزل إليه تاج الدّين ابن صَلايا فقتله، فقيل: إنّ صاحب الموصل كان في نفسه من ابن صَلايا، فقال لهولاكو: هذا شريف علويّ، فربّما تطاول إلى الخلافة، ويقوم معه خلق، فلهذا قتله

<<  <  ج: ص:  >  >>