وفيها كانت ملحمة كبيرة بالأندلس بين علي بن يوسف بن تاشفين وبين الأذفونش لعنه الله، نصر فيها المسلمون، وقتلوا وأسروا وغنموا ما لا يعبر عنه، فخاف الفرنج منها، وامتنعوا من قصد بلاد ابن تاشفين، وذل الأذفونش حينئذ وخاف فإنها وقعة عظيمة أبادت شجعان الفرنج. وانصرف ابن الأذفونش جريحًا، فهلك في الطريق، وكان أبوه قد شاخ وارتعش.
[سنة ست وخمسمائة]
فيها مات الملك بسيل الأرمني صاحب الدروب، فسار تنكري صاحب أنطاكية الفرنجي ليملكها فمرض، فعاد ومات بعد أيام، وتملك أنطاكية بعده سرجال ابن أخيه.
وفيها مات قراجا صاحب حمص، وقام بعده ولده خيرخان، وكلاهما ظالم.
وفي أواخر السنة، خاض الفرات صاحب الموصل مودود بن ألتون تكين، وصاحب سنجار تميرك، والأمير إياز بن إيلغازي بنية الجهاد، فتلقاهم صاحب دمشق طغتكين إلى سلمية، وكان كثير المودة لمودود، وكانت الفرنج قد تابعت الغارات على حوران، وغلت الأسعار بدمشق، فاستنجد طغتكين بصديقه مودود، فبادر إليه، فاتفق على قصد بغدوين صاحب القدس، فساروا حتى نزلوا على الأردن، ونزل بغدوين على الصنبرة وبينهما الشريعة.
[سنة سبع وخمس ومائة]
في ثالث عشر المحرم التقى عسكر دمشق والجزيرة وعسكر الفرنج بقرب طبرية، وصبر الفريقان، واشتد الحرب، وكانت وقعة مشهودة، ثم انكسرت الفرنج ووضع المسلمون فيهم السيف، وأسروا خلقًا، وأسر ملكهم بغدوين، لكن لم يعرف، فأخذ الذي أسره سلاحه وأطلقه، فنجا جريحًا، ثم مات بعد أشهر، وغرق منهم في الشريعة طائفة، وحاز المسلمون الغنيمة.
ثم جاء عسكر أنطاكية وعسكر طرابلس، فقويت نفوس المنهزمين وعاودوا الحرب، فثبت لهم المسلمون فانحاز الملاعين إلى جبل، ورابط المسلمون بإزائهم يرمونهم