وفي هذه الأيام تسحب جماعة من الأمراء الذين عند سنقر الأشقر إلى السلطان. وكان السلطان قد سار ببقية الجيش فنزل غزة.
وفي هذه المدة خطب على المنابر بولاية العهد للملك الصالح علي ابن السلطان الملك المنصور.
وفيها أعيد السنجاري إلى الوزارة، ورد ابن لقمان إلى ديوان الإنشاء.
ورجع السلطان من غزة لما بلغه رجوع التتار وأمن البلاد.
وفي رمضان أعيد تقي الدين ابن رزين إلى قضاء الديار المصرية، وعزل صدر الدين ابن بنت الأعز. وأعيد قبل ذلك إلى القضاء القاضيان نفيس الدين ابن شكر، ومعز الدين النعمان. ورتب قاض حنبلي وهو الشيخ عز الدين عمر بن عبد الله بن عوض المقدسي صهر الشيخ شمس الدين ابن العماد. أما معز الدين الحنفي فهو أيضا رتب ولم تتقدم له ولاية إلا عند ترتيب القاضي الحنبلي المذكور.
وفي ذي القعدة كان طائفة من الشاميين نزال بمرج المرقب، فداخلهم طمع فركبوا من الليل، وصبحوا المرقب للغارة، فخرج الفرنج وقد جاءتهم نجدة في البحر، وحملوا على المسلمين، فهزموهم ومزقوهم في أودية وعرة، فنالوا منهم نيلا عظيما وقتلوا وأسروا. فما شاء الله كان.
وفي أول ذي الحجة خرج السلطان إلى الشام وخلفه ولده الملك الصالح.
ويوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار، فأهلك بعض الزرع وبدع في الوجه القبلي. ووقع تحت الجبل الأحمر صاعقة على حجر، فأخذت وسبكت وجاء منها نحو الأوقية، ووقعت يومئذ صاعقة بالإسكندرية.
وفي سابع عشر ذي الحجة نزل السلطان على الروحاء قبالة عكا، فراسله أهلها في الهدنة. وأقام هناك أياما وقدم عليه عيسى بن مهنا طائعا، فبالغ السلطان في إكرامه واحترامه، وصفح عنه قيامه مع سنقر الأشقر.
وفيها وزر بدمشق الشرف ابن مزهر، ومد يده، ثم أعيد التقي البيع.