كليب لعمري كان أكثر ناصرا وأيسر ذنبا منك ضرج بالدم
فتطير بذلك، وقال: غني غير هذا، فغنت:
أبكى فراقهم عيني فأرقها إن التفرق للأحباب بكاء ما زال يعدو عليهم ريب دهرهم حتى تفانوا وريب الدهر عداء فاليوم أبكيهم جهدي وأندبهم حتى أؤوب وما في مقلتي ماء
فقال لها: لعنك الله، أما تعرفين غير هذا؟ فقالت: ظننت أنك تحب هذا! ثم غنت:
أما ورب السكون والحرك إن المنايا كثيرة الشرك ما اختلف الليل والنهار ولا دارت نجوم السماء في الفلك إلا لنقل السلطان عن ملك قد زال سلطانه إلى ملك وملك ذي العرش دائم أبدا ليس بفان ولا بمشترك
فقال لها: قومي لعنك الله. فقامت فتعست في قدح بلور - له قيمة - فكسرته، فقال: ويحك يا إبراهيم، أما ترى، والله ما أظن أمري إلا وقد قرب. فقلت: بل يطيل الله عمرك، ويعز ملكك، فسمعت صوتا من دجلة: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. فوثب محمد مغتما، ورجع إلى موضعه بالمدينة، فقتل بعد ليلة أو ليلتين.
وحكى المسعودي في المروج، قال: ذكر إبراهيم بن المهدي قال: استأذنت على الأمين في شدة الحصار، فإذا هو قد قطع دجلة بالشباك، وكان في القصر بركة عظيمة، يدخل من دجلة إليها الماء في شباك حديد، فسلمت وهو مقيم على الماء والخدم قد انتشروا في تفتيش الماء، وهو كالواله، فقال: لا تؤذيني يا عم، فإن مقرطتي قد ذهبت من البركة إلى دجلة، والمقرطة سمكة كانت قد صيدت له، وهي صغيرة، فقرطها بحلقتي ذهب، فيها جوهرتان، وقيل ياقوتتان، فخرجت وأنا آيس من فلاحه.
وكان محمد - فيما نقل المسعودي - في نهاية الشدة والبطش والحسن،