خدمت جلال الدولة بن بهاء وعلّقت آمالي به ورجائي وكنا ثلاثا من ثلاث قبائل من العور والعميان والبصراء فلم يحظَ منا كلنا غير واحد كأن له فضلا على الشعراء فقالوا ضريرٌ وهو موضع رحمةٍ وثم له قومٌ من الشفعاء فقلت على التقدير: لي نصف ما به وإن أنصَفوا كنا من النظراء فإن يُعط للعميان فالداء شاملٌ وإن يعط للأشعار أين عطائي؟ وقال أبو منصور محمد بن أحمد ابن النَّقّور: أنشدني ابن نحرير لنفسه:
تولّع بالعشق حتى عشق فلما استقل به لم يُطقْ فحين رأى أدمعا تستهلّ وأبصر أحشاءه تحترقْ تمنى الإفاقة من سكره فلم يستطعها ولما يفقْ رأى لجّة ظنّها موْجةً فلما توسّط فيها غرقْ وقال أبو نصر عبد الله بن عبد العزيز: أنشدنا ابن نحرير لنفسه:
ولْما انتبه الوصل ونامت أعيُن الهجر ووافت ضرة البدر وقد ليّنها ضرّي شربنا الخمر من طَرفٍ ومن خدٍّ ومن ثغر وقلنا قد صفا الدهر وغابت أنجم الغدر دهتنا صيحة الديك ووافت غُرة الفجر فقامت وهي لا تدري إلى أين ولا أدري فيا ليت الدجى طال وكان الطول من عمري ومن شعره:
لساني كتومٌ لأسراركم ولكنّ دمعي لسرّي مُذيع فلولا دموعي كتمت الهوى ولولا الهوى لم تكن لي دموع كتمت جوى حبكم في الحشى ولم تدْر بالسر مني الضلوع وقال ابن خيرون: توفي ابن نحرير الشاعر في عاشر رمضان، وكان رافضيا، عاش ثمانيا وسبعين سنة.