بدر الدين رمتاش التركماني بجماعةٍ من التركمان للنزول حوله على بعدٍ ليحصل الأمن من جهته من أحدٍ يخرج منه. ونودي الجلابة والمسافرون. فأُخِذت عكا وغيرها والتركمان مكانهم، فلما بلغ أهل عثليث أخذُ عكا وصور وصيدا وبيروت، أحرقوا أموالهم ومتاعهم وما لم يقدروا على حمله، وعرقبوا دوابهم وهربوا في البحر، وأخلوا الحصن ليلة أول شعبان.
وأما أهل أنطرسوس لما بلغهم ذلك عزموا على الهرب فُجِّرد الأمير سيف الدين الطَّباخي إليها، فلما أحاط بها ليلة خامس شعبان ركبوا في البحر وهربوا إلى جزيرة أرواد، وهي بالقرب منها.
وفي غضون ذلك استحضر الشجاعي مقدمي جبل الجرد والكسروان، فلما حضروا بين يديه أخذ سلاحهم ودرّكهم خفر بلادهم وتوثّق منهم، ثم خلع عليهم، وأخذ منهم رهائن.
ثم قدم الشجاعي بعلبك في أواخر شعبان، وطلع إلى قلعتها، وأمر بكسر صنمين من الرخام كانا قد وجدا في بعض الحفائر في نهاية التحرير والإتقان وبراعة الصنعة، فكان إذا حضر أحدٌ من الأكابر أحضروا الصنمين للفرجة على تلك الصنعة. فلما زار الشجاعي مقام إبراهيم أحضر الوالي تلك الصنمين، فرآهما وأمر بتكسيرهما، فكُسِّرا في الحال. وهذه تدل على حسن دين الشجاعي وإن كان ظالماً. ثم دخل دمشق في السابع والعشرين من شعبان.
وفي نصف رمضان قُبض على علم الدين الدواداري وبعث به إلى مصر.
وجاءت الأخبار بالإفراج والرِّضى عن الأمراء الكبار: تقصو، وحسام الدين لاجين النائب، وشمس الدين سنقر الأشقر، وبدر الدين بيسري، وشمس الدين سنقر الطويل المنصوري، وبدر الدين خضر بن جودي القيمُري.
وفي شوال شرع الشجاعي بعمارة الطارمة والقبة الزرقاء ودور الحريم بقلعة دمشق، فحشد الصُّناع وحشر الرجال وعمل عمارة الجبابرة، وقلع لذلك عدة أعمدة من سوق الفِ اء الذي بطرف الفسقار، وحفر الأرض وراء