وفيها قدم عسكر المصريين، فالتقاهم الفرنج، فانهزم الفريقان بعد ملحمة كبيرة بقرب عسقلان.
[سنة خمس وتسعين وأربعمائة]
فيها توفي المستعلي بالله أحمد ابن المستنصر بالله معد العبيدي الشيعي صاحب مصر، وقام بعده ولده الآمر بأحكام الله منصور، وهو طفل له خمس سنين، والأمور كلها إلى الأفضل أمير الجيوش، أقام هذا الصغير ليتمكن من جميع الأمور، وذلك في سابع عشر صفر.
وفيها؛ في المحرم كان المصاف الثالث بين الأخوين محمد وبركياروق. كان محمد ببغداد من عام أول، ورحل منها هو وأخوه سنجر، فقصد سنجر بلاده بخراسان، وقصد السلطان محمد همذان. وسار بركياروق ومعه أربعة آلاف، وكان مع محمد مثلها، فالتقوا بروذراور، وتصافوا، فلم يجر بينهم قتال لشدة البرد، وتصافوا من الغد، فكان الرجل يبرز، فيبارزه آخر، فإذا تقابلا اعتنق كل واحد منهما صاحبه، وسلم عليه، ويعود عنه. ثم سعت الأمراء في الصلح لما عم المسلمين من الضرر والوهن، فتقررت القاعدة على أن يكون بركياروق السلطان، ومحمد الملك، ويضرب له ثلاث نوب، ويكون له جنزة وأعمالها وأذربيجان، وديار بكر، والموصل، والجزيرة، وحلف كل واحد منهما لصاحبه، وانفصل الجمعان من غير حرب، ولله الحمد.
وسار كل أمير إلى أقطاعه، وكان ذلك في ربيع الأول، فلما كان في جمادى الأولى كان بينهما مصاف رابع، وذلك أن السلطان محمداً سار إلى قزوين، ونسب الأمراء الذين سعوا في صورة الصلح إلى المخامرة، فكحل الأمير أيدكين، وقتل الأمير شمل، وجاء إلى محمد الأمير إينال، وتجمع عسكره، وقصده بركياروق، وكانت الوقعة عند الري، فانهزم عسكر محمد، وقصدوا نحو طبرستان، ولم يقتل غير رجل واحد، قتل صبراً، ومضت فرقة منهم نحو قزوين، ونهبت خزائن محمد، وانهزم في نفر يسير إلى أصبهان وحمل علمه بيده ليتبعه أصحابه، وسار في طلبه الأميران ألبكي وإياز فدخل