أصبهان في سبعين فارساً، وحصنها ونصب مجانيقها، وكان معه بها ألف فارس، وتبعه بركياروق بجيوش كثيرة تزيد على خمسة عشر ألفا، فحاصره وضيق عليه، وكان محمد يدور كل ليلة على السور ثلاث مرات. وعدمت الأقوات، فأخرج من البلد الضعفاء، واستقرض محمد من أعيان البلد أموالاً عظيمة، وعثرهم وصادرهم، واشتد عليهم القحط، وهانت قيم الأمتعة، وكانت الأسعار على بركياروق رخيصة.
ودام البلاء إلى عيد الأضحى، فلما رأى محمد أموره في إدبار، فارق البلد، وساق في مائة وخمسين فارساً، ومعه الأمير إينال، فجهز بركياروق وراءه عسكراً، فلم ينصحوا في طلبه، وزحف جيش بركياروق على أصبهان ليأخذوها، فقاتلهم أهل البلد قتال الحريم، فلم يقدروا عليهم، فأشار الأمراء على بركياروق بالرحيل، فرحل إلى همذان.
وفيها نازل ابن صنجيل الفرنجي طرابلس، فسار عسكر دمشق مع صاحب حمص جناح الدولة إلى طرابلس إلى انطرطوس فالتقوا، فانكسر المسلمون ورجعوا.
قال أبو المظفر سبط ابن الجوزي: جهز الأفضل عساكر مصر فوصلوا في رجب إلى عسقلان مع الأمير نصير الدولة يمن، وخرج بردويل من القدس في سبعمائة، فكبس المصريين، فثبتوا له، وقتلوا معظم رجاله، وانهزم هو في ثلاثة أنفس، واختبأ في أجمة قصب، فأحاط المسلمون به وأحرقوا القصب، فهرب إلى يافا. وأما عسكر دمشق، فعادوا وكشفوا عن طرابلس الفرنج.
ومات صاحب حمص جناح الدولة حسين بن ملاعب، وكان بطلاً شجاعاً مذكوراً، قفز عليه ثلاثة من الباطنية يوم الجمعة في جامع حمص، فقتلوه، وقتلوا. فنازلها صاحب أنطاكية الذي تملكها بعد أسر بيمنت بالفرنج، فصالحوه على مال، ثم جاء شمس الملوك دقاق فتسلمها.
وفيها قتل الوزير الأعز أبو المحاسن عبد الجليل الدهستاني وزير بركياروق؛ جاءه شاب أشقر، وقد ركب إلى خيمة السلطان وهو نازل على