اثنان قد مضيا فبورك فيهما عمر الخليفة ثم خلف السؤدد الشافعي الألمعي محمد إرث النبوة وابن عم محمد أبشر أبا العباس إنك ثالث من بعدهم سقيًا لتربة أحمد فصاح أبو العباس بن سريج وبكى وقال: لقد نعى إلي نفسي. قال حسان: فمات القاضي أبو العباس في تلك السنة.
قلت: وكان على رأس الأربعمائة أبو حامد الإسفراييني، وعلى رأس الخمسمائة الغزالي، وعلى رأس الستمائة الحافظ عبد الغني، وعلى رأس السبعمائة شيخنا ابن دقيق العيد. على أن بعض هؤلاء يخالفني فيهم خلق من العلماء.
والذي أعتقده من الحديث أن لفظ من يجدد للجميع لا للمفرد، والله أعلم.
وكان أبو العباس على مذهب السلف في الصفات، يؤمن بها ولا يؤولها، ويمرها كما جاءت. وهو صاحب مسألة الدور في الحلف بالطلاق.
وقد روى التنوخي في نشواره قال: حدثني القاضي أبو بكر العنبري بالبصرة، قال: حدثني أبو عبد الله، شيخ من أصحاب ابن سريج كتبت عنه الحديث، قال: قال لنا ابن سريج يومًا: أحسب أن المنية قربت. قلنا: وكيف؟ قال: رأيت البارحة كأن القيامة قد قامت، والناس قد حشروا، وكأن مناديًا ينادي بصوت عظيم: بم أجبتم المرسلين؟ فقلت: بالإيمان والتصديق. فقيل: ما سئلتم عن الأقوال، بل سئلتم عن الأعمال. فقلت: أما الكبائر فقد اجتنبناها، وأما الصغائر فعولنا فيها على عفو الله ورحمته.
قال: فانتبهت. فقلنا له: ما في هذا ما يوجب سرعة الموت. فقال: أما سمعتم قوله تعالى: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ}؟ قال: فمات بعد ثمانية عشر يومًا، رحمه الله.
٢٦٦ - أحمد بن محمد بن سهل بن المبارك، أبو العباس الأصبهاني الجيراني المعدل، ويعرف بممجة.