وفي أواخر أيامه ولي إمرة سجستان، ووفد عليه الشعراء فلما كان في سنة إحدى أو اثنتين، وقيل: في سنة ثمان وخمسين كان في داره صناع فاندس بينهم قوم من الخوارج، فوثبوا عليه فقتلوه وهو يحتجم ثم تتبعهم ابن أخيه الأمير يزيد بن مزيد فقتلهم.
ورثته الشعراء، ولقد أبلغ وأبدع مروان بن أبي حفصة في كلمته:
مضى لسبيله معن وأبقى مكارم لن تبيد ولن تنالا كأن الشمس يوم أصيب معن من الإظلام ملبسة جلالا وعطلت الثغور لفقد معن وقد يروي بها الأسل النهالا وأظلمت العراق، وأورثتها مصيبته المجللة اختلالا وظل الشام يرجف جانباه لركن العز حين وهى فمالا وكادت من تهامة كل أرض ومن نجد تزول غداة زالا وكان الناس كلهم لمعن إلى أن زار حفرته عيالا فليت الشامتين به فدوه وليت العمر مد له فطالا ولم يك كنزه ذهبا، ولكن سيوف الهند والحلق المذالا وما رنة من الخطي سمرا ترى فيهن لينا، واعتدالا. وذخرا من محامد باقيات وفضل تقى به التفضيل نالا وأيام المنون لها صروف تقلب بالفتى حالا فحالا.
وذكر ابن المعتز في كتاب طبقات الشعراء أن مروان دخل على جعفر البرمكي فاستنشده إياها فلما أنشده أرسل دموعه ثم قال: هل أثابك أحد من أهله شيئا عليها؟ قال: لا فأمر له عليها بألف وست مائة دينار، فزاد مروان فيها هذا:
نفخت مكافئا عن قبر معن لنا مما تجود به سجالا فكافأ عن صدى معن جواد بأجود راحة بذل النوالا كأن البرمكي بكل مال تجود به يداه يفيد مالا.