للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعث الوليد في الليل إلى الحسين وابن الزبير، فأخبرهما بوفاة معاوية، ودعاهما إلى البيعة، فقالا: نصبح وننظر فيما يصنع الناس، ووثبا فخرجا، وأغلظ الوليد للحسين، فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها، فقال الوليد: إن هجنا بأبي عبد الله إلا أسدا، فقيل للوليد: اقتله، قال: إن ذلك لدم مصون.

وخرج الحسين وابن الزبير من وقتهما إلى مكة، وطلبا فلم يقدر عليهما، فنزل الحسين دار العباس. ولزم ابن الزبير الحجر، ولبس المعافري، وجعل يحرض على بني أمية، وكان يتردد إلى الحسين، ويشير عليه أن يقدم العراق ويقول له: هم شيعتكم، وكان ابن عباس يقول له: لا تفعل. وقال له عبد الله بن مطيع: فداك أبي وأمي متعنا بنفسك ولا تسر إلى العراق، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولا وعبيدا. وقد لقيهما عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بالأبواء، منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: أذكركما الله إلا رجعتما، فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، وتنظرا، فإن أجمع على يزيد الناس لم تشذوا، وإن افترقوا عليه كان الذي تريدان. وقال ابن عمر للحسين: لا تخرج فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خيره الله بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، وإنك بضعة منه، ولا تنالها - يعني الدنيا - فاعتنقه وبكى، وودعه، فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش.

وقال له ابن عباس: أين تريد يا ابن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي، قال: إني لكاره لوجهك هذا، تخرج إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك، حتى تركهم سخطة وملهم، أذكرك الله تغرر بنفسك!.

الواقدي: حدثني عبد الله بن جعفر المخرمي، عن أبي عون قال: خرج الحسين من المدينة، فمر بابن مطيع وهو يحفر بئره، فقال: إلى أين، فداك أبي وأمي متعنا بنفسك ولا تسر، فأبى الحسين، قال: إن بئري هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>