رشحتها، وهذا اليوم ما خرج إلينا في الدلو ماء، فلو دعوت لنا فيها بالبركة، قال: هات من مائها، فأتى بما في الدلو فشرب منه، ثم مضمض، ثم رده في البئر.
وقال أبو سعيد: غلبني الحسين على الخروج، وقد قلت له: اتق الله والزم بيتك، ولا تخرج على إمامك، وكلمه في ذلك جابر بن عبد الله، وأبو واقد الليثي، وغيرهما.
وقال سعيد بن المسيب: لو أن حسينا لم يخرج لكان خيرا له.
وقد كتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بلزوم الجماعة، وتخبره أنه إنما يساق إلى مصرعه وتقول: أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتل حسين بأرض بابل.
وكتب إليه عبد الله بن جعفر كتابا يحذره أهل الكوفة، ويناشده الله أن يشخص إليهم. فكتب إليه الحسين: إني رأيت رؤيا ورأيت فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمرني بأمر أنا ماض له، ولست بمخبر أحدا بها حتى ألاقي عملي. ولم يقبل الحسين من أحد، وصمم على المسير إلى العراق. فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل غدا بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان، وإني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا إليه راجعون. فقال: أبا العباس إنك شيخ قد كبرت، فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين ابن الزبير، ولما رأى ابن عباس عبد الله بن الزبير قال له: قد أتى ما أحببت، هذا الحسين يخرج ويتركك والحجاز. ثم تمثل:
يا لك من قنبرة بمعمر خلا لك البر فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري وبعث الحسين إلى أهل المدينة، فسار إليه من خف معه من بني عبد المطلب، وهم تسعة عشر رجلا، ونساء وصبيان، وتبعهم محمد ابن الحنفية فأدرك أخاه الحسين بمكة، وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه