وقتل خلقٌ من الفريقين وفي التتار أكثر، فتحيز التتر ونزلوا. وضعف المسلمون، وجاءتهم سفن فعبروا فيها، وما علموا بما أصاب التتار من القتل والجراح، ولو عرفوا لكدوا عليهم، فنازلت التتر غزنة وملكوها لوقتها، فقتلوا وسبوا، ولم يبقوا على أحد، ثم أحرقوها.
وقال أبو شامة: فيها توجه الملك المُعظم إلى أخيه الملك الأشرف، فاجتمع به بحران. ثم دعاه صاحب ماردين، فبالغ في الخدمة، وقدم له تحفاً. وزوج المعظم بنته الواحدة بناصر الدين صاحب ماردين.
وفيها جاءت الأخبار بأن التتر قاربوا بغداد، فانزعج الخليفة، وأمر الناس بالقنوت، واستخدم، وأنفق وحصن البلد.
وفي جمادى الآخرة استرد المصريون دمياط من الفرنج. ورجع المعظم من حران، وحضر معه الملك الأشرف بجيشه. قال أبو المظفر: فاجتمعتُ به وحرضته على نصرة الإسلام وقلت: المسلمون في ضائقة وإذا أخذت الفرنج الديار المصرية ملكوا إلى حضرموت، وعفوا آثار الحرمين وأنت تلعب؟! اجتمعت به بسلمية، فقال: ارموا الخيام. فسبقته إلى حمص وبشرت المعظم، وأصبحت أطلابُ الأشرف مارة على حمص، وجاء طلب الأشرف، والله ما رأيت أجمل منه ولا أحسن رجالاً وعدة، فاتفقا على أن يدخلا في السحر إلى طرابلس يشوشون على الفرنج. فأنطق الله الأشرف فقال: يا خوند! عوض ما ندخل الساحل وتضعفُ خيلنا ويضيع الوقت ما نروح إلى دمياط ونستريح. فقال المعظم: قولُ رماة البندق؟ قال: نعم. فقبل المعظم قدمه. ونام الأشرف، فخرج المعظم يصيح: الرحيل إلى دمياط، وساق إلى دمشق، وتبعته العساكر، وانتبه الأشرف فدخل الحمام، فلم ير حول مخيمه أحداً، فأخبروه فسكت، ثم سار فنزل القصير، فأقام أياماً ثم عرض العساكر هو وأخوهُ،