للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠٩ - ذيال بن أبي المعالي بن راشد بن نبهان بن مرجَّى، أبو عبد الملك العراقي، الزاهد العارف.

أفرد الحافظ جزءاً في كراماته، فقال: سكن بيت المقدس مدّة.

قال: وقيل: إنه بلغ مائة وعشرين سنة، ولم نسمع في زماننا من سلك طريقته سوى ولده الإمام عبد الملك، كان يتقوّت من لقاط الزَّرع، ولا يأكل لأحد شيئاً إلاّ لآحاد الناس، وانتفع به الخلق، وعلّمهم القرآن والفقه، وأمر الناس بالصلاة، وصار علماً في تلك الناحية. اجتهدت على السَّفر إلى زيارته فلم يُقدَّر.

وسمعت الحافظ أبا إسحاق الصَّريفيني يذكره ويفخِّم أمره، ويذكره كثيراً، وقال: دخلت إلى بيته فلم أر فيه غير دلو وحبل ومنجل ومقدحة، وليس للبيت باب سوى حزمة حطب، وقال: قال لي أهل القرية التي هو فيها: لا يأخذ من عندنا ناراً، ولا يملأ بحبلنا، ولا دلونا، ولا يأكل لنا شيئاً، وما رأينا مثله.

وكان شيخنا العماد يطنب في مدحه، ومدح زيارته، وفي خبزه، حتى لقد حدثني الحافظ الصَّريفيني، قال: قال الشيخ العماد: المشي إلى زيارة الشيخ ذيال أفضل من زيارة بيت المقدس. فلما لقيت الشيخ العماد حكيت له ذلك، فقال: قد قلته، وما أدري يصح هذا أم لا؟ وإنما قلت ذلك لأن زيارة الإخوان تجوز شدّ الرِّحال إليهم أينما كانوا، وشدّ الرحال لا تجوز إلا إلى ثلاثة مساجد، فكانت زيارة الإخوان أبلغ من زيارة المساجد، أو ما هذا معناه.

وسمعت مسعود بن أبي بكر بن شكر يقول: أتيت الشيخ العماد بلقمة من خبز الشيخ ذيال، ففرح بها، فأتاه رجل فقال: يا سيدي ولدي مريض، فأشتهي أن تدعو له، فأعطاه من تلك اللقمة قليلاً، وقال: خذ هذه، فاجعلها في ماء، واسقه إياها. قال: فلقيت الرجل بعد ذلك، فقال: عوفي بإذن الله.

وسمعت أن الشيخ العماد كان يخبئ خبزه للمرض، وقال: ما هو إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>