وحكي أنه اصطبح يوما فأتي بسبع هائل على جمل في قفص، فوضع بباب القصر، فقال: افتحوه وخلوه، فقيل: يا أمير المؤمنين، إنه سبع هائل أسود كالثور، كثير الشعر، قال: خلوا عنه، ففعلوا، فخرج فزأر وضرب بذنبه الأرض، فتهارب الناس، وأغلقت الأبواب، وبقي الأمين وحده غير مكترث، فأتاه الأسد وقصده ورفع يده، فجذبه الأمين وقبض على ذنبه، وغمزه وهزه ورماه إلى خلف، فوقع السبع على عجزه فخر ميتا، وجلس الأمين كأنه لم يعمل شيئا، وإذا أصابعه قد تخلعت، فشقوا بطن الأسد فإذا مرارته قد انشقت على كبده.
وعن محمد بن عيسى الجلودي قال: دخل على محمد بن زبيدة: حاتم بن الصقر، ومحمد بن الأغلب الإفريقي وقواده، فقالوا: قد آلت حالنا إلى ما ترى، وقد رأينا أن تختار سبعة آلاف رجل من الجند فتحملهم على هذه السبعة آلاف فرس التي عندك، وتخرج ليلا، فإن الليل لأهله، فتلحق بالجزيرة والشام، وتصير في مملكة واسعة يتسارع إليك الناس، فعزم على ذلك، فبلغ الخبر إلى طاهر، فكتب إلى سليمان بن المنصور، وإلى محمد بن عيسى بن نهيك والسندي بن شاهك: لئن لم تردوه عن هذا الرأي لا تركت لكم ضيعة، فدخلوا على محمد، وخوفوه من الذين أشاروا عليه أنهم يأخذونه أسيرا، ويتقربون به إلى المأمون، وضربوا له الأمثال، فخاف ورجع إلى قبول ما يبذلون له من الأيمان، ويخرج إلى هرثمة.
وعن علي بن يزيد قال: وفارق محمدا سليمان بن المنصور، وإبراهيم بن المهدي ولحقا بعسكر المهدي، وقوي الحصار على محمد يوم الخميس والجمعة والسبت، وأشار عليه السندي بأنه ليس لهم فرج إلا عند هرثمة، فقال: وكيف لي بهرثمة، وقد أحاط الموت بي من كل جانب؟ فلما هم بالخروج إليه من دون طاهر، اشتد ذلك على طاهر، وقال: هو في حيزي، وأنا أحرجته بالحرب، ولا أرضى أن يخرج إلى هرثمة دوني، فقالوا له: هو خائف منك، ولكن يدفع إليك الخاتم والقضيب والبرد، فلا تفسد هذا الأمر فرضي بذلك.
ثم إن الهرش لما علم بذلك أراد التقرب إلى قلب طاهر، فقال في كتاب