وقال: إنك تكفى يا أمير المؤمنين. وجاء مالك ابن الهيثم فوقف على باب القصر، ثم قاتلوهم حتى أثخنوهم.
وجاء خازم بن خزيمة فقال: يا أمير المؤمنين أقتلهم؟ قال: نعم. فحمل عليهم حتى ألجأهم إلى الحائط، فكروا على خازم فهزموه، ثم كر عليهم هو والهيثم بن شعبة بجندهما، وأحاطوا بهم، ووضعوا فيهم السيف فأبادوهم، فلا رحمهم الله. وقد جاءهم يومئذ عثمان بن نهيك فكلمهم، فرموه بنشابة، فمرض منها ومات، فاستعمل المنصور مكانه على الحرس أخاه عيسى بن نهيك. وكان هذا كله في المدينة الملقبة بالهاشمية وهي بقرب الكوفة. ثم إن المنصور قدم سماطاً بعد العصر وبالغ في إكرام معن.
وروى المدائني عن أبي بكر الهذلي قال: إني لواقف بباب القصر إذ اطلع رجل إلى المنصور فقال: هذا رب العزة الذي يرزقنا ويطعمنا. قال: فحدثت المنصور بعد ذلك فقال: يا هذلي يدخلهم الله النار في طاعتنا ونقتلهم، أحب إلينا من أن يدخلهم الله الجنة في معصيتنا.
وعن الفضل بن الربيع عن أبيه أنه سمع المنصور يقول: أخطأت ثلاث خطآت وقى الله شرها: قتلت أبا مسلم وأنا في خرق، ومن حولي يقدم طاعته ويؤثرها ولو هتكت الخرق لذهبت ضياعاً. وخرجت يوم الريوندية ولو أصابني سهم غرب لذهبت ضياعا، وخرجت إلى الشام ولو اختلف سيفان بالعراق ذهبت الخلافة ضياعاً.
وقيل: كان معن بن زائدة ممن قاتل المسودة مع ابن هبيرة، فلما قامت دولة المسودة اختفى معن إلى أن ظهر يوم الريوندية، فأبلى يومئذ وبين حتى كان النصر على يديه، ثم اختفى كما هو، فتطلبه المنصور ونودي بأمانه فأتي به فأمر له بمال جليل، وولاه اليمن.
وفيها أمر المنصور ابنه المهدي وجعله ولي عهد المسلمين وبعثه على