وفيها افتتح أتابك زنكي بن آقسنقر المعرة، فأخذها من الفرنج، وكان لها في أيديهم سبعٌ وثلاثون سنة، ورد على أهلها أملاكهم، وكثر الدعاء له.
وفيها قدم من الموصل ابن زنكي من عند والده بمفاتيح الموصل مذعنًا بالطاعة والعبودية للخليفة، فخرج الموكب لتلقيه، وأكرم مورده، ونزل وقبل العتبة، وجاء رسول دبيس يقول: أنا الخاطئ المقر بذنبه، فمات رسوله، فذهب هو إلى مسعود.
وجاء السديد ابن الأنباري من عند السلطان سنجر، ومعه كتابه يقول فيه: أنا العبد المملوك.
ثم تواترت الأخبار بعزم مسعود على بغداد، وجمع وحشد، فبعث الخليفة إلى بكبة نائب البصرة، فوعد بالمجيء، ووصل إلى حلوان دبيس وهو شاليش عسكر مسعود، فجهز الخليفة ألفي فارس تقدمة، وبعث إلى أتابك زنكي، وكان منازلًا دمشق ليسرع المجيء.
وبعث سنجر إلى مسعود: إن هؤلاء الأمراء، وهم البازدار وابن برسق، وقزل، وبرنقش، ما يتركونك تنال غرضًا لأنهم عليك، وهم الذين أفسدوا أمر أخيك طغرل، فابعث إلي برؤوسهم، فأطلعهم على المكاتبة، فقبلوا الأرض وقالوا: الآن علمنا أنك صافٍ لنا، فابعث دبيسًا في المقدمة، ثم اجتمعوا وقالوا: ما وراء هذا خير، والرأي أن نمضي إلى أمير المؤمنين، فإن له في رقابنا عهدًا، وكتبوا إليه: إنا قد انفصلنا عن مسعود، ونحن في بلاد برسق، ونحن معك، وإلا فاخطب لبعض أولاد السلاطين، ونفذه نكون في خدمته، فأجابهم: كونوا على ما أنتم عليه، فإني سائر إليكم، وتهيأ للخروج، فلما سمع مسعود بذلك ساق ليبيتهم، فانهزموا نحو العراق، فنهب أموالهم، وجاءت الأخبار، فهيأ لهم الخليفة الإقامات والأموال.
وخرج عسكر بغداد والخليفة، وانزعج البلد، وبعث مسعود خمسة آلاف ليكبسوا مقدمه الخليفة، فبيتوهم وأخذوا خيلهم وأموالهم، فأقبلوا عراة، ودخلوا بغداد في حالٍ ردية في رجب، فأطلق لهم ما أصلح أمرهم، وجاء الأمراء الكبار الأربعة في دجلة فأكرموا وخلع عليهم، وأطلق لهم ثمانون ألف