ثم برز الخليفة، وسار في سبعة آلاف فارس، وكان مسعود بهمذان في ألفٍ وخمسمائة فارس، ثم أفسد نيات نواب الأطراف بالمكاتبة، واستمالهم حتى صار في نحو من خمسة عشر ألف فارس، وتسلل إليه ألفا فارس من عسكر المسترشد، ونفذ زنكي إلى الخليفة نجدةً، فلم تلحق.
ووقع المصاف في عاشر رمضان، فلما التقى الجمعان هرب جميع العسكر الذين كانوا مع المسترشد، وكان على ميمنته قزل، والبازدار، ونور الدولة الشحنة، فحملوا على عسكر مسعود، فهزموهم ثلاثة فراسخ ثم عادوا فرأوا الميسرة قد غدرت، فأخذ كل واحدٍ منهم طريقًا وأسر المسترشد وحاشيته، وأخذ ما معه، وكان معه خزائن عظيمة، فكانت صناديق الذهب على سبعين بغلًا أربعة آلاف ألف دينار، وكان الثقل على خمسة آلاف جمل، وخزانة السبق أربعمائة بغل، ونادى مسعود: المال لكم، والدم لي، فمن قتل أقدته، ولم يقتل بين الصفين سوى خمسة أنفس غلطًا، ونادى: من أقام من أصحاب الخليفة قتل، فهرب الناس، وأخذتهم التركمان، ووصلوا بغداد وقد تشققت أرجلهم، وبقي الخليفة في الأسر.
وبعث بالوزير ابن طراد وقاضي القضاة الزينبي، وبجماعةٍ إلى قلعة، وبعث بشحنة بغداد ومعه كتاب من الخليفة إلى أستاذ الدار، أمره مسعود بكتابته، فيه: ليعتمد الحسين بن جهير مراعاة الرعية وحمايتهم، فقد ظهر من الولد غياث الدنيا والدين، أمتع الله به في الخدمة ما صدقت به الظنون، فليجتمع، وكاتب الزمام وكاتب المخزن إلى إخراج العمال إلى النواحي، فقد ندب من الجانب الغياثي هذا الشحنة لذلك، وليهتم بكسوة الكعبة، فنحن في إثر هذا المكتوب.
وحضر عيد الفطر، فنفر أهل بغداد، ووثبوا على الخطيب، وكسروا المنبر والشباك، ومنعوه من الخطبة، وحثوا في الأسواق على رؤوسهم التراب يبكون ويضجون، وخرج النساء حاسراتٍ يندبن الخليفة في الطرق وتحت التاج، وهموا برجم الشحنة، وهاشوا عليه، فاقتتل أجناده والعوام، فقتل من العوام