الاعتزال، والباطنية منهم لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر، وحكموا - يعني الفقهاء - بأن رستم بن علي في حياله خمسون امرأة من الحرائر، ولدن له ثلاثةً وثلاثين نفسا، وحول رايته إلى خُراسان، فانضم إليه أعيان المعتزلة والرافضة. ثم نظر فيما احتجنه رستم، فعثر من الجواهر على ما قيمته خمسمائة ألف دينار. ثم ذكر أشياء من الذهب والستور والفرش، إلى أن قال: فخلت هذه البقعة من دُعاة الباطنية وأعيان الروافض، وانتصرت السُنة، فطالع العبدُ بحقيقة ما يسره الله تعالى لنصر الدولة القاهرة.
وفي رجب انقض كوكب عظيم أضاءت منه الأرض، وكان له دوي كدوي الرعد.
وفي شعبان اضطرب أمر بغداد وكثرت العملات، وكبس العيارون المحال.
وأيضا غار الماء في الفرات غورا شديدا، وبلغ طحن الكارة الدقيق دينارا.
وفيه جُمع العلماء والقضاة في دار الخلافة، وقرئ عليهم كتابٌ طويل عمله القادر بالله يتضمن الوعظ وتفضيل مذهب السُنة، والطعن على المعتزلة. وفيه أخبار كثيرة في ذلك.
وفي رمضان جُمعوا أيضا وقرأ عليهم أبو الحسن بن حاجب النُعمان كتابا طويلا عمله القادر بالله، فيه أخبار ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه ردٌ على من يقول بخلق القرآن، وحكاية ما جرى بين عبد العزيز وبشر المريسي، ثم ختمه بالوعظ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وفي ذي القعدة جُمعوا لكتاب ثالث في فضل أبي بكر، وعمر، وسب من يقول بخلق القرآن، وأعيد فيه ما جرى بين عبد العزيز وبشر المريسي، وأقام الناس إلى بعد العتمة حتى فرغ، ثم أخذ خطوطهم بحضورهم وسماع ما سمعوه.
وكان يخطب بجامع براثا شيعي فيُظهر شِعارهم، فتقدم إلى أبي منصور بن تمام الخطيب ليخطب ببراثا ويُظهر السنة. فخطب وقصر عما كان يفعله من قبله في ذكر علي رضي الله عنه، فرموه بالآجُر، فنزل ووقف المشايخ دونه