للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويميل إلى أهل الأدب والفقه، ويكره المراء في الدين، ويقول: هو شيء لا نتيجة له، وبالحري أن لا يكون فيه ثواب، وكان يحب المديح ويشتريه بأغلى ثمن، أجاز مرة مروان بن أبي حفصة على قصيدة خمسة آلاف دينار، وخلعة، وعشرة من رقيق الروم، وفرسا من مراكبه.

وقيل: إنه كان مع الرشيد ابن أبي مريم المدني، وكان مضحكا فكها أخباريا، فكان الرشيد لا يصبر عنه ولا يمل منه لحسن نوادره ومجونه.

وروي أن ابن السماك دخل على الرشيد يوما فاستسقى، فأتي بكوز، فلما أخذه قال: على رسلك يا أمير المؤمنين، لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي، قال: اشرب هناك الله، فلما شربها قال: أسألك لو منعت خروجها من بدنك، بماذا كنت تشتري خروجها؟ قال: بجميع ملكي، فقال: إن ملكا قيمته شربة ماء لجدير أن لا ينافس فيه، قال: فبكى هارون.

وقد ذكرت الرشيد في الأسماء أيضا.

وبويع لابنه الأمين محمد في العسكر صبيحة التي توفي فيها الرشيد. وكان المأمون حينئذ بمرو، والأمين ببغداد، فأتاه الخبر، فصلى بالناس الجمعة، وخطب، ونعى الرشيد إلى الناس وبايعه الناس، فأمر للجند برزق سنتين.

وأخذ رجاء الخادم البرد والقضيب والخاتم، وسار على البريد في اثني عشر يوما من مرو حتى قدم بغداد في نصف جمادى الآخرة، فدفع ذلك إلى الأمين.

وبلغ الخبر المأمون فبايع لأخيه ثم لنفسه، وأعطى الجند عطاء سنة، وأخذ يتألف أمراءه وقواده، ويظهر العدل، فأحبوا المأمون.

وأما الأمين فإنه بعد بيعته بيوم أمر ببناء ميدان جوار قصر المنصور للعب بالكرة، ثم قدمت أم جعفر زبيدة في شعبان، فتلقاها ابنها الأمين، قدمت من الرقة ومعها جميع الخزائن. وأقام المأمون على خراسان وإمرتها، وأهدى للأمين تحفا ونفائس.

وفيها دخل هرثمة حائط سمرقند، فلجأ رافع إلى المدينة الداخلة، وراسل

<<  <  ج: ص:  >  >>