للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتلاه، وقُتلا معه. وتملَّك صور بعده كندهري ابن أخت ملك الأنكلتار، فبقي إلى سنة أربع وتسعين، فسقط من سطح ومات. وكان لما رحل خاله إلى بلاده أرسل يستعطف صلاح الدّين ويطلب منه خلعةً وقال: أنت تعلم أن لبس القباء والشربُوش عندنا عيب، وأنا ألبسهما منك محبة فيك. فنفذ إليه خلعة سنية بشربوش، فلبسها بعكا.

وفيها في صفر نهبت بنو عامر البصرة. تجمعوا مع أميرهم عُميرة، وكان بها أمير فحاربهم، فلم يقو بهم، وقتل جماعة، ودخلوها وفعلوا كل قبيح، وذهبت أمتعة الناس.

وفيها في جمادى الأولى استولت الفرنج على حصن الداروم، ثمّ ساروا حتى بقوا على فرسخين من القدس، فصب المسلمون عليهم البلاء، وتابعوا إرسال السرايا، وبُلي الفرنج منهم بداهيةٍ، فرجعوا وتخطفهم المسلمون.

وكان شهاب الدّين الغُوري غزا الهند في سنة ثلاث وثمانين فانهزم، فلما كان في هذه السنة خرج من غزنَة بجيوشه، وقصد عدوه، فتجهز الكافر ملك الهند وسار نحوه، فلما قاربه تقهقر شهاب الدين، وتبعه ملك الهند إلى أن قارب بلاد المسلمين، فندب شهاب الدّين شطر جيشه، فداروا في الليل حتى صاروا من وراء الهنود، وحمل من الغد هو من بين أيديهم وأولئك من خلفهم، وكثر القتل في الهنود، وأُسر ملكهم في خلقٍ من جنده، وغنم المسلمون ما لا يوصف. ومن ذلك أربعة عشر فيلًا، فقال ملك الهند: إن كنت طالبًا بلادنا فما بقي فيها من يحفظها، وإن كنت طالب مالٍ فعندي أموال تحمل منها جمالك كلها. فسار شهاب الدين، وهو معه، إلى قلعته واسمها أجمير، فتملكها شهاب الدّين وتملك جميع نواحيها، وأقطع الجميع لمملوكه قُطب الدّين أيبك. وقتل ملك الهند، ورجع إلى غزنة مؤيدًا منصورًا.

وكان عسكر مصر قد خرجوا للغزاة فأقاموا ببلبيس حتى اجتمعت إليهم القوافل، وساروا في الرمل، فتهيأت الفرنج لكبسهم وكمنوا لهم، ثمّ بيتوهم بأرض الحسا. فطاف الإنكلتير حول القفل في صورة بدوي، فرآهم ساكنين، فكبسهم في السَّحر بخيله ورجله، فكان الشجاع من نجا بنفسه. وكانت وقعة شنعاء لم يُصب الناس بمثلها في هذه السنين. وتبدد الناس في البرية وهلكوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>