واقتله، وإياك أن تخور أو تضعف، وسلمه إليه، ثم كتب إليه غير مرة من طرق الحج يسأله: ما فعلت، فكتب إليه: قد أنفذت ما أمرت به، فلم يشك أنه قتله، وكان عيسى قد ستره عنده، ودعا كاتبه يونس بن فروة فقال: ما ترى؟ قال: أمرك بقتله سراً، ويدعيه عليك علانية، ثم يقيدك به. قال: فما الرأي؟ قال: استره واخفه، فلما قدم المنصور دس إلى عمومته من يحركهم على مسألة عمه عبد الله بن علي، فكلموا المنصور، فقال: علي بعيسى، فأتاه، فقال: قد علمت أني دفعت إليك عمي ليكون في منزلك، قال قد فعلت، قال: قد كلمني فيه أعمامي، فرأيت الصفح عنه، فقال: أولم تأمرني بقتله؟ قال: لا، قال: قد أمرتني بقتله!. قال: كذبت، فقال لعمومته إن هذا قد أقر لكم بقتل أخيكم قالوا: فادفعه إلينا نقتله به قال: فشأنكم به، فأخرجوه إلى الرحبة، واجتمع الناس، وشهر الأمر، فقام أحدهم، وشهر سيفه، فقال له عيسى: أفاعل أنت؟ قال: نعم قال: لا تعجلوا، ثم أحضر عبد الله بن علي وقال للمنصور: شأنك بعمك، قال: فأدخلوه حتى أرى فيه رأيي، فجعله في بيت، ثم كان من أمره ما كان.
وفيها خلع المنصور قبل ذلك من ولاية العهد بعده عيسى بن موسى، الذي حارب له الأخوين إبراهيم، ومحمداً، وظفر بهما، وتوطد ملك المنصور بهمة عيسى، فكافأه وخلعه مكرهاً من ولاية العهد، وقدم عليه ولده المهدي، فقيل: إنه أرضى عيسى بأن جعله ولي العهد بعد ابنه المهدي.
وكان السفاح لما احتضر جعل الخلافة للمنصور، ثم بعده لعيسى، وقد لاطفه المنصور، وكلمه بألين الكلام في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين فكيف بالأيمان والعهود والمواثيق التي علي وعلى المسلمين، فلما رأى المنصور امتناعه تغير له، وأعرض عنه، وجعل يقدم المهدي عليه في المجالس، ثم شرع المنصور يدس من يحفر عليه بيته ليسقط عليه، فجعل يتحفظ ويتمارض.
وقيل: بل سقاه المنصور فاستأذن في الذهاب إلى الكوفة ليتداوى،