صوتا من فوقي، فرفعت رأسي، فإذا نور كأنه سلسلة متداخلٌ بعضه في بعض، فالتفت على ظهري حتى أحسست بتردده في ظهري، فرجعت إلى الشيخ فأخبرته، فحمد الله وقبلني بين عيني وقال: الآن تمت عليك النعمة يا بني، أتعلم ما هذه السلسة؟ قلت: لا، فقال: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذن لي في الكلام حينئذٍ.
قال: وسمعت غير واحدٍ ممن صحبه يقول: لو لم يؤذن لي في الكلام ما تكلمت.
قال: وسمعته يوما، وأنا ابن ست سنين وهو يقول لزوجته: ولدك قد أخذه قطاع الطريق في هذه الساعة، وهم يريدون قتله وقتل رفاقه، فراعها ذلك، فسمعته يقول لها: لا بأس عليك، فإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه، غير أن مالهم يذهب، وغدا إن شاء يصل هو ورفاقه، فلما كان من الغد وصلوا، وكنت فيمن تلقاهم، وذلك في سنة ست وخمسين وستمائة.
قال: وحدّثني الشيخ شمس الدّين الخابوريّ قال: وقع في نفسي أن أسأل الشيخ - وكان الخابوريّ من مريدي الشيخ أبي بكر - عن الروح، فلما دخلت عليه قال لي من غير أن أسأله: يا أحمد ما تقرأ القرآن؟ قلت: بلى يا سيدي، قال: اقرأ يا بني: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا} يا بني شيءٌ لم يتكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يجوز لنا أن نتكلم فيه.
وحدّثني الشيخ إبراهيم ابن الشيخ أبي طالب البطائحي رضي الله عنه قال: كان الشيخ يقف على حلب ونحن معه ويقول: والله إني لأعرف أهل اليمين من أهل الشمال منها، ولو شئت لسمّيتهم، ولكن لم نؤمر بذلك، ولا نكشف سر الحق في الخلق.
وحدّثني الشيخ الإمام شمس الدّين الخابوري، قال: سألت الشيخ عن قوله: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} فقد عُبد عيسى وعَزَير، فقال: تفسيرها: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} فقلت: يا سيدي أنت لا تعرف تكتب ولا تقرأ، فمن