أين لك هذا؟ قال: يا أحمد، وعزة المعبود لقد سمعت الجواب فيها كما سمعت سؤالك.
وحدّثني شمس الدّين الخابوري خطيب حلب، قال: كنا نمر مع الشيخ، فلا يمر على حجر ولا شيءٍ إلا سلم عليه، فكان في نفسي أن أسأل الشيخ عن خطاب هذه الأشياء له، هل يخلق الله لها في الوقت لسانا تخاطبه به، أو يقيم الله إلى جانبها من يخاطبه عنها، ففاتني ولم أسأله عن ذلك.
وحدّثني الإمام الصاحب محيي الدّين ابن النحاس قال: كان الشيخ يتردد إلى قرية تريذم، وكان لها مسجدٌ صغير لا يسع أهلها، فخطر لي أن أبني مسجدا أكبر منه من شمالي القرية، فقال لي الشيخ ونحن جلوس في المسجد: يا محمد، لم لا تبني مسجدا يكون أكبر من هذا؟ فقلت: قد خطر لي هذا، فقال: لا تبنه حتى توقفني على المكان، قلت: نعم، فلما أردت أن أبني جئت إليه، فقام معي، وجئنا إلى المكان الذي خطر لي فقلت: هنا، فرد كمه على أنفه وجعل يقول: أف أف، لا ينبغي أن يبنى هنا مسجد فإن هذا المكان مسخوطٌ على أهله، ومخسوفٌ بهم، فتركته ولم أبنه، فلما كان بعد مدةٍ احتجنا إلى استعمال لبن من ذاك المكان، فلما كشفناه وجدناه نواويس مقلَّبة على وجوهها.
حدّثني الشيخ الصالح محمد بن ناصر المشهديّ قال: كنت عند الشيخ وقد صلى صلاة العصر، وصلى معه خلقٌ، فقال له رجل: يا سيدي ما علامة الرجل المتمكن؟ فقال: علامة الرجل المتمكن أن يشير إلى هذه السارية فتشتعل نورا، قال: فنظر الناس إلى السارية، فإذا هي تشتعل نورا، أو كما قال.
سمعت الأمير الكبير المعروف بالأخضريّ، وكان قد أسن، يحكي لوالدي قال: كنت مع الملك الكامل لما توجه إلى الشرق، فلما نزلنا بالس قصدنا زيارة الشيخ مع الأمير فخر الدّين عثمان، وكنا جماعة من الأمراء، فبينما نحن عنده إذ دخل جندي فقال: يا سيدي، كان لي بغلٌ وعليه خمسة آلاف درهم، فذهب مني، وقد دُلِيتُ عليك، فقال له الشيخ: اجلس، وعزة المعبود قد حصرت على آخذه الأرض، حتى ما بقي له مسلك إلا باب هذا