سنة ثمانين فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم، والغض من الأعيان، فربى له أعداء وخصوماً، فتضافروا عليه وسعوا فيه وأتقنوا قضيته، فلما قدم السلطان دمشق في رجب سنة اثنتين وثمانين سعوا فيه، فامتحن، فجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء إلى صلاة الجمعة، فأخذه إلى القلعة، فقال له المشد بدر الدين الأقرعي: قد أمر السلطان أن تجلس في مسجد الخيّالة، ففعل ولم يمكَّن من صلاة الجمعة، وذلك بسبب محضرٍ أثبته تاج الدين عبد القادر ابن السنجاري عليه بحلب، بمبلغ مائة ألف دينار، وأنها عنده من جهة الشَّرف ابن الإسكاف كانت للخادم ريحان الخليفتي، ثم إن المشد أحضر النظام ابن الحصيري نائب القاضي حسام الدين الحنفي، فنفّذ المحضر، وأمضى حكم قاضي سرمين ابن الأستاذ به، وذهب الناس إلى القاضي يتوجعون له، وبقي نائبه شمس الدين عبد الواسع الأبهري يحكم، فلما كان في اليوم الثالث منع نائبه من الحكم ومنع الناس من الدخول إليه إلا أقاربه، وولي القضاء بهاء الدين ابن الزكي، ثم نبغ آخر وزعم أن حياصةً مجوهرةً وعصابة بقيمة خمسةٍ وعشرين ألف دينار كانت عند العماد ابن محيي الدين ابن العربي للملك الصالح إسماعيل ابن صاحب حمص، وانتقلت إلى القاضي عز الدين ووكلوا علاء الدين علي ابن السكاكري للملك الزاهر، وبقية ورثة الصالح وذكروا أن الشهود: كمال الدين ابن النجار، والجمال أحمد بن أبي بكر الحموي، ثم توقف ابن النجار واقتحم الشهادة الجمال وغيره، ثم قالوا للقاضي: هذه القضية قد ثبتت عليك، والأخرى في مظنة الإثبات، ولم يبق إلا أن تحمل المال.
فلما كان في اليوم الخامس من اعتقاله أظهروا قضية ثالثة، وهي أن ناصر الدين محمد ابن ملك الأمراء عز الدين أيدمر أودع عنده مبلغا كثيراً، فجاء المشد وسأله فقال: أحضر المبلغ إليَّ لأستودعه، فلم أفعل، فأسألوا الأمير بدر الدين أمير مجلس، فإنه الذي أحضر المبلغ، فخرج المشد وسأل أمير مجلس، فصدَّق ما قاله القاضي، فلما كان اليوم السابع طلب المشد لناصر الدين ابن أخي القاضي وقال: تكتب لي أسماء جميع أملاككم، وهدَّده فكتب ذلك، فلما كان يوم الجمعة أدى الشهود عند حسام الدين الحنفي، وهم الجمال الحموي، بعد أن شهد عليه الشيخ تاج الدين وأخوه الشيخ شرف