للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومٌ لا أرى فيه سعد بن عليّ لا أعتدّ أنّي عملت خيراً. وكان هيّاج يعتمر ثلاث مرّات. وسيأتي ذكره.

قال ابن طاهر: كان الشّيخ سعد لمّا عزم على المجاورة عزم على نيِّفٍ وعشرين عزيمة أنّه يلزمها نفسه من المجاهدات والعبادات. ومات بعد ذلك بأربعين سنة ولم يخلّ منها بعزيمةٍ واحدة. وكان يملي بمكّة، ولم يكن يملي بها حين تولّى مكّة المصريّون، وإنمّا كان يملي سرّاً في بيته.

وقال ابن طاهر: دخلت على الشّيخ أبي القاسم سعد وأنا ضيّق الصَّدر من رجلٍ من أهل شيراز لا أذكره، فأخذت يده فقبَّلتها، فقال لي ابتداءً من غير أن أعلمه بما أنا فيه: يا أبا الفضل، لا تضيِّق صدرك، عندنا في بلاد العجم مثل يضرب، يقال: بخل أهوازيّ، وحماقة شيرازيّ، وكثرة كلام رازيّ. ودخلت عليه في أوّل سنة سبعين لمّا عزمت على الخروج إلى العراق حتّى أودّعه، ولم يكن عنده خبر من خروجي. فلمّا دخلت عليه قال:

أراحلون فنبكي، أم مقيمونا؟ فقلت: ما أمر الشّيخ لا نتعدّاه.

فقال: على أيَّ شيءٍ عزمت؟ قلت: على الخروج إلى العراق لألحق مشايخ خراسان. فقال: تدخل خراسان، وتبقى بها، وتفوتك مصر، ويبقى في قلبك. فاخرج إلى مصر، ثمّ منها إلى العراق وخراسان، فإنه لا يفوتك شيء ففعلت، وكان في ذلك البركة.

سمعت سعد بن عليّ - وجرى بين يديه ذكر الصّحيح الّذي خرَّجه أبو ذرّ الهرويّ - فقال: فيه عن أبي مسلم الكاتب، وليس من شرط الصّحيح.

وقال أبو القاسم ثابت بن أحمد البغداديّ: رأيت أبا القاسم الزَّنجانيّ في المنام يقول لي مرةً بعد أخرى: إنّ الله يبني لأهل الحديث بكّل مجلسٍ يجلسونه بيتاً في الجنّة.

ولد سعد في حدود سنة ثمانين وثلاثمائة، أو قبلها، وتوفّي في سنة إحدى وسبعين، أو في أواخر سنة سبعين بمكّة.

وله قصيدة مشهورة في السُّنّة، وقد سئل عنه إسماعيل الطّلحيّ فقال: إمامٌ كبيرٌ عارفٌ بالسُّنَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>