واسط، فقال: الأموال معكم، وليس معي شيء، فاقطعوا البلاد.
ثم استقر أن يدفع إلى زنكي ثلاثون ألفًا مصانعةً عن الأملاك، ثم بات الحرس تحت التاج خوفًا من زنكي، ثم أشار زنكي على ابن صدقة أن يكون وزيرًا لداود، فخلع عليه لذلك، ثم استوثق زنكي من اليمين من الخليفة وعاهده، وقبل يده، وطلب الخليفة أبا الرضا بن صدقة فجاء، ففوض إليه الأمور كلها.
وأمر السلطان داود والأمراء بالمسير لحرب مسعود، فساروا، فبلغهم أنه رحل يطلب العراق، فردهم الراشد وحلفهم، وقال: أريد أن أخرج معكم، فلما انسلخ شعبان خرج الخليفة ورحلوا، وخاف العامة، وشرعوا في إصلاح السور، ولبسوا السلاح، فكان الأمراء ينقلون اللبن على الخيل، وهم نقضوه.
وجاءت كتبٌ إلى سائر الأمراء من مسعود، فأحضروها جميعها إلى الخليفة، وأنكر شحنة بغداد المكاتبة وأخفاها، ثم كتب جوابها إلى مسعود، فأخذه زنكي فغرقه.
وفي وسط رمضان جاء عسكر مسعود فنازلوا بغداد، ووقع القتال، وخامر جماعة أمراء إلى الخليفة، فخلع عليهم وقبلهم، ثم بعد أيام كان وصول رسول مسعود يطلب الصلح، فقرئت الرسالة على الأمراء، فأبوا إلا القتال.
وصلى الناس العيد داخل السور، فوصل يومئذٍ أصحاب مسعود فدخلوا الرصافة، وكسروا أبواب الجامع ونهبوا، وقلعوا شبابيك الترب وعاثوا، وجاء مسعود في رابع شوال في خمسة آلاف راكب على غفلة، وخرج الناس للقتال، ودام الحصار أيامًا، وجاء ركابي لزنكي، فقتله العيارون فقال زنكي: أريد أن أكبس الشارع والحريم، وآخذ ما قيمته خمسمائة ألف دينار من الحرير والقماش والذهب والفضة.
ونفذ مسعود عسكرًا إلى واسط فأخذها، والنعمانية فنهبها، فتبعهم عسكر الخليفة ونودي: لا يبقى ببغداد أحد من العسكر، وخرج الراشد فنزل على صرصر، واستشعر بعض العسكر من بعض، فخشي زنكي من البازدار والبقش، فعاد إلى ورائه، فرجع أكثر العسكر منهزمين، ودخل الراشد بغداد، وقيل: إن مسعودًا كاتب زنكي سرًا، وحلف له أنه يقره على الموصل والشام، وكاتب الأمراء أيضًا فقال: من قبض منكم على زنكي أو قتله أعطيته بلاده، فعرف زنكي، فأشار على الراشد أن يرحل صحبته.
وفي رابع عشر ذي القعدة ركب الخليفة ليلًا وسار، وزنكي قائم ينتظره،