لا يجمعهم والٍ، إلى أن ولي السمح بن مالك الخولاني في حدود المائة، واجتمع الناس عليه.
وأما مسلمة فسار بالجيوش، وأخذ معه إليون الرومي المرعشي ليدله على الطريق والعوار، وأخذ عهوده ومواثيقه على المناصحة والوفاء، إلى أن عبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية، إلى أن برح بهم الحصار، وعرض أهلها الفدية على مسلمة، فأبى أن يفتحها إلا عنوة، قالوا: فابعث إلينا إليون فإنه رجل منا ويفهم كلامنا مشافهة، فبعثه إليهم، فسألوه عن وجه الحيلة، فقال: إن ملكتموني عليكم لم أفتحها لمسلمة، فملكوه، فخرج وقال لمسلمة: قد أجابوني أنهم يفتحونها، غير أنهم لا يفتحونها ما لم تنح عنهم، قال: أخشى غدرك، فحلف له أن يدفع إليه كل ما فيها من ذهب وفضة وديباج وسبي، وانتقل عنها مسلمة، فدخل إليون فلبس التاج، وقعد على السرير، وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج، فملأوا الأهراء وشحنوا المطامير، وبلغ الخبر مسلمة، فكر راجعا، فأدرك شيئا من الطعام، فغلقوا الأبواب دونه، وبعث إلى إليون يناشده وفاء العهد، فأرسل إليه إليون يقول: ملك الروم لا يباع بالوفاء، ونزل مسلمة بفنائهم ثلاثين شهرا، حتى أكل الناس في العسكر الميتة، وقتل خلق، ثم ترحل.
[سنة تسع وتسعين]
فيها توفي: الخليفة سليمان بن عبد الملك، وعبد الله بن محيريز، ونافع بن جبير بن مطعم، وأبو ساسان حضين بن المنذر، وعبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي، ومحمود بن الربيع، على الصحيح، وآخرون بخلاف.
وفيها أغارت الخزر على أرمينية وأذربيجان، وأمير تلك البلاد عبد العزيز بن حاتم الباهلي، فكانت وقعة قتل الله فيها عامة الخزر، وكتب بالنصر عبد العزيز الباهلي إلى عمر بن عبد العزيز أول ما ولي الخلافة.
وكانت وفاة سليمان بن عبد الملك بدابق غازيا يوم الجمعة، عاشر صفر.