فأكرمه السّلطان وأطلقه، وأرسله تحت الاحتياط إلى أصبهان. ورتب لسمرقند أبا طاهر عميد خوارزم.
ثمّ قصد كاشغر، فبلغ إلى يوزكند، وهي بلدة يجري على بابها نهر، فأرسل رسله إلى ملك كاشغر يأمره بإقامة الخطبة والسّكة له، ويتهدده إن خالف. فدخل في الطّاعة، وجاء إلى الخدمة، فأكرمه السّلطان وعظمه، وأنعم عليه، ورده إلى بلده. ثمّ رد إلى خراسان، فوثبّ عسكر سمرقند بالعميد أبي طاهر، فاحتال حتّى هرب منهم، وكان كبيرهم عين الدّولة، ثمّ ندم وخاف، فكاتب يعقوب أخا الملك صاحب كاشغر فحضر واتفق معه، وجرت أمور، فلمّا اتصلت الأخبار بالسلطان كرّ راجعاً إلى سمرقند، فهرب يعقوب وكان قد قتل عين الدّولة، فلحق بفرغانة وهي ولايته، ثمّ هادنه، ورجع بعد فصول طويلة.
وفيها أرسلت ابنة السّلطان زوجة الخليفة تشكو من الخليفة كثرة اطراحه لها، فأرسل يطلب بنته طلباً لا بد منه، فأذن لها الخليفة، ومعها ولدها جعفر، وسعد الدّولة كوهرائين، فذهبت إلى أصبهان، فأدركها الموت في ذي القعدة من السّنة، وعمل الشّعراء فيها المراثي.
فيها جاء عسكر مصر فافتتحوا صور وصيدا، وكانّ فتحها في السنة الآتية.
[سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة]
فيها افتتح أهل مصر صور، وكان قد تغلب عليها القاضي عيّن الدّولة ابن أبي عقيل، ثمّ توفي ووليها أولاده، فسّلموها لضعفهم. وسارت العّساكر إلى صيدا فتسلموها. ثمّ ساروا إلى عكا، فحاصروها وضيّقوا على المسلمين فافتتحوها. وملكوا مدينة جبيل، ورتبوا نواب المستنصر بها، ورجعوا إلى مصر منصورين مظفرين بعزم أمير الجيوش.
وفيها عظمت البليّة ببغداد بين السّنة والشّيعة، وقتل بيّنهم بشرٌ كثير، وركب شحنة بغداد ليكفهم فعجز، وذلت الرّافضة بإعانة الخليفة وأعوانه عليهم، وأجابوا إلى إظهار السّنة، وكتبوا بالكرخ على أبواب مساجدهم: خّير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان، ثمّ علي فعظم هذا